بعدم وجوب قضائها
من التركة، وذهب جمع من الأصحاب إلى وجوب قضاء الحجّ المنذور من الثلث، ومستنده
غير واضح أيضاً. وبالجملة: فالنذر إنّما تعلّق بفعل الحجّ مباشرة وإيجاب قضائه من
الأصل أو الثلث يتوقّف على الدليل».
انتهى
كلامه زيد مقامه.
أقول: أمّا
ما ذكره قدس سره من ضعف الوجه الأوّل، فيمكن المناقشة فيه بأنّ قوله:
«إنّ النذر
إنّما اقتضى وجوب الأداء والقضاء يحتاج إلى أمر جديد»، مردود بأ نّه لا ريب أنّ
النذر قد اقتضى شغل الذمّة اليقيني بالمنذور واستقرار وجوبه بعد مضيّ زمان التمكّن
منه، والظاهر بقاء الاشتغال والتعلّق بالذمّة حتّى يحصل الإتيان بالفعل من المكلّف
أو نائبه وتخرج الأخبار الواردة في حجّ الإسلام شاهداً على ذلك؛ فإنّه بعد استقرار
حجّ الإسلام في الذمّة واشتغالها به لا يزول ذلك إلّابالإتيان به في الحياة أو بعد
الموت، وقولهم: أنّ القضاء يحتاج إلى أمر جديد، الظاهر أنّه ليس على إطلاقه بل ذلك
مخصوص بالواجبات الموقّته؛ فإنّ توجّه الأمر بالإتيان بالفعل في ذلك الوقت لا
يتناول ما بعده ممّا خرج عنه الذي هو القضاء، بل لا بدّ في إيجاب القضاء في الصورة
المذكورة من أمر على حدة وما نحن فيه ليس كذلك، فإنّ مقتضى النذر اشتغال الذمّة
بالمنذور مطلقاً، وليس في الأخبار ما يدلّ على اختصاص الخطاب حال الحياة ليكون
القضاء بعد الموت يحتاج إلى أمر جديد، وإنّما إطلاق الاستقرار واشتغال الذمّة
اقتضى بقاء ذلك إلى أن تحصل البراءة بالإتيان بالفعل.
وأمّا ما
ذكره أخيراً- من أنّ النذر إنّما تعلّق بفعل الحجّ مباشرة- فيمكن الجواب عنه أيضاً
بأنّ النذر اقتضى هنا شيئين:
أحدهما:
اشتغال الذمّة بذلك الفعل المنذور كما قدّمنا.