أجزأ بخلاف ما لو
تسكّع، فإنّه لا يجزئ عندنا، وفيه دلالة على أنّ الإجزاء فرع الوجوب، فيقوى الوجوب
بمجرّد البذل؛ لتحقّق الإجزاء، إلّاأن يقال:
الوجوب هنا
لقبول البذل، ولو وهبه زاداً أو راحلة، لم يجب عليه القبول، وفي الفرق نظر.
وابن إدريس
قال: لا يجب الحجّ بالبذل، حتّى يملّكه المبذول وجنح إليه الفاضل»، بل في حاشيته
في الهامش على قوله: «وهل» إلى آخره كتب في آخرها أنّها منه: «فيه تنبيه على
قاعدتين: إحداهما: إجزاء حجّ من حجّ بمجرّد البذل. ثانيتهما: عدم إجزاء حجّ من حجّ
متسكّعاً، ولا فرق بينهما معقولًا سوى أنّ المتسكّع حجّ لا مع الوجوب، والمبذول له
حجّ مع الوجوب، فيلزم من ذلك أنّ الإجزاء لا ينفكّ عن سبق الوجوب ولمّا كان
الإجزاء حاصلًا مع البذل، دلّ على سبق الوجوب الإجزاء، وذلك يستلزم الوجوب بمجرّد
البذل، فانتفى الإشكال في الاستقرار بمجرّد البذل من غير قبول قولًا».[1]
وقال في
«معتمد العروة»: ويمكن أن يستدلّ لكفاية الاستطاعة البذلية بنفس الآية الشريفة:
وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا؛ فإنّ
الظاهر منها كفاية مطلق الاستطاعة والقدرة إلّاأنّ الروايات فسّرتها بأ نّها ليست
هي القدرة الفعلية، بل هي قدرة خاصّة، كالتمكّن من الزاد والراحلة، مع تخلية السرب
وصحّة البدن، فإطلاق الآية يشمل الاستطاعة البذلية؛ لصدق الاستطاعة المفسّرة على
البذل أيضاً.
وربّما
يناقش في الاستدلال بالآية: بأنّ الاستطاعة المذكورة فيها، وإن كانت في نفسها
صادقة على البذل، ولكنّ الروايات فسّرتها بملكية الزاد والراحلة؛