ففي
المسألة أقوال أربعة نذكرها مع ذكر ما يمكن الاستدلال لها:
الأوّل: ما هو
معروف من جريان الحدود عليه كالبصير، وكذا قبول قوله مع دعوى الشبهة، كلّ ذلك
للعمومات والإطلاقات الواردة في الكتاب والسنّة، فإنّه لم يرد في خصوص الأعمى نصّ
خاصّ، ولم يفرّق بينه وبين غيره في روايات هذا الباب وكلمات معظم الأصحاب في هذا
سواء كانت مطلقة أو مصرّحة بعدم الفرق.
بل قد
يقال: إنّه يمكن درأ الحدّ من الأعمى ولو مع دعوى الشبهة إذا احتمل في حقّه ذلك،
قال المحقّق الخوانساري (قدس سره) في «جامع المدارك»: «ألا ترى أنّه لو وقع الأعمى
في البئر لم يشكّ أحد في أنّ وقوعه في البئر من جهة عدم التوجّه، فلو رأى أربعة
شهود مباشرة الأعمى الأجنبية بالنحو الموجب للحدّ لو لا الشبهة مع احتمال الشبهة
احتمالًا قويّاً كيف يحدّ؟ مع أنّ الحدود تدرأ بالشبهات»[2].
وما أفاده
جيّد لعدم خصوصية في دعواه الشبهة والحكم بدرء الحدود بالشبهات عامّ ومجرّد شهادة
أربعة شهود مع عدم إحراز سائر الشرائط غير كافٍ، ومن الشرائط علم الفاعل بذلك، بل
يمكن أن يقال: إنّ ما ورد في كلامه من التعبير بوجود احتمال قوى في درأ الحدّ عنه
أيضاً في غير محلّه، فإنّ قاعدة الدرء لا تتوقّف على الاحتمال القوى، بل مجرّد
الاحتمال العقلائي كافٍ في المقام.
وإن شئت
قلت: المدار على ثبوت موضوع الزنا عالماً عامداً مختاراً على اليقين، فما
لم يعلم بذلك لا يجري الحدّ.
الثاني: عدم قبول
دعوى الشبهة منه وقد عرفته في كلمات الأكابر الأربعة ويظهر من بعض كلماتهم فيما
حكي عنهم أنّ الوجه فيه هو وجوب التحرّز