لو
كان لمورد دوران الأمر بين المحذورين أفراد طوليّة، كالمرأة المردّد وطؤها في كلّ
ليلة جمعة بين الوجوب و الحرمة، إذا كان الحلف المردّد تعلّقه بالفعل أو الترك
كذلك، فهل يكون التخيير استمراريا أو بدويا؟ و بعبارة اخرى؛ هل يلاحظ ذلك الفعل في
كلّ ليلة من ليالي الجمعة واقعة مستقلّة فيحكم بالتخيير فيه فيجوز للمكلّف الاتيان
به في ليلة جمعة و تركه في ليلة جمعة اخرى، أو يلاحظ المجموع واقعة واحدة فيتخيّر
بين الفعل في الجميع و الترك في الجميع و لا يجوز له التفكيك بين الليالي بايجاد
الفعل مرّة و تركه اخرى؟ وجهان:
ذهب
بعضهم إلى الأوّل (أي التخيير الاستمراري) باعتبار أنّ كلّ فرد من أفراد ذلك الفعل
له حكم مستقلّ، و قد دار الأمر فيه بين محذورين فيحكم العقل بالتخيير، لعدم إمكان
الموافقة القطعيّة و لا المخالفة القطعيّة، و لا يترتّب على ذلك سوى أنّ المكلّف
إذا اختار الفعل في فرد و الترك في فرد آخر يعلم إجمالا بمخالفة التكليف الواقعي
في أحدهما، و لا بأس به، لعدم كون التكليف الواقعي منجّزا على الفرض. على أنّه
يعلم إجمالا أيضا بموافقة التكليف الواقعي في أحدهما.
و
ذهب بعض آخر إلى أنّ التخيير بدويّ؛ لأنّ العلم بالإلزام المردّد بين الوجوب و
الحرمة و إن لم يوجب تنجيز التكليف المعلوم بالإجمال إلّا أنّه مع فرض تعدّد
الأفراد، يتولّد من العلم الإجمالي المذكور علم إجمالى متعلّق بكلّ فردين من
الأفراد، و هو العلم بوجوب أحدهما و حرمة الآخر، إذ المفروض اشتراكهما في الحكم
وجوبا و حرمة، فإن كان أحدهما المعيّن واجبا و إلّا فالآخر