و تقريب
الاستدلال: «أنّ الظاهر من الشيء الأوّل في كلام السائل هو مطلق ما لا يعرفه من
الأحكام، و من الشيء الثاني الكلفة و العقوبة من قبل الحكم الّذي لا يعرفه،
فيستفاد من نفي العقوبة عليه في جواب الإمام عليه السّلام بقوله لا، عدم وجوب
الاحتياط عليه»[1].
هذه
هي أهمّ النصوص الّتي استدلّ بها على البراءة الشرعيّة، و قد وقعت- علاوة عمّا
أومأنا إليه- مناقشات حول دلالة بعضها ممّا يجعلها بعيدة عن الاستدلال بها على
القاعدة (لا يسعها هذا المختصر) إلّا أنّ بعضها تامّ الدلالة على المطلوب فلا
نطيل.
ثمّ
إنّه قد استدل بالاستصحاب على قاعدة البراءة الشرعيّة أيضا، بتقريب:
«أن
نلتفت إلى بداية الشريعة فنقول: إنّ هذا التكليف المشكوك لم يكن قد جعل في تلك
الفترة يقينا، لأنّ تشريع الأحكام كان تدريجيّا فيستصحب عدم جعل ذلك التكليف أو
يلتفت المكلّف إلى حالة ما قبل تكليفه كحالة صغره مثلا فيقول: إنّ هذا التكليف لم
يكن ثابتا عليّ في تلك الفترة يقينا و يشكّ في ثبوته بعد البلوغ فيستصحب عدمه»[2].
البراءة
لا تجري في موارد الشكّ في الاستحباب و الكراهة:
ذهب
المشهور إلى أنّ البراءة لا تجري في موارد الشكّ في حكم غير الزامي، و ذلك لقصور
أدلّتها: أمّا ما كان مفاده السعة و نفي الضيق و التأمين من ناحية
[1] - نهاية الافكار 3: 229 و راجع فرائد الاصول 2: 42.
[2] - دروس في علم الاصول 1: 382، و راجع نهاية الافكار
3: 238.