اسم الکتاب : دعوة الى الإصلاح الديني و الثقافي المؤلف : الجواهري، الشيخ حسن الجزء : 1 صفحة : 252
المورِّث
ميّتاً بلحاظه، وهذا هو الحال بلحاظ أمواله الخارجية وبلحاظ ما كان يطلبه من غيره،
ولذا عَرَفَ الفقه الإسلامي انتقال الحقّ في باب الإرث. وأما بلحاظ الديون الثابتة
على الميّت، فذمّة الميّت باقية على حالها مالم يوف دينه (ولا مجال لقيام الوارث
مقامه) ويوفّى دينه من تركته ثم يورث المال، كما قال تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ
دَيْنٍ[1]. وعلى هذا الأساس لا يقول الإسلام بما جاء في
الفقه الغربي من انتقال ديون الميت الى الورثة وأدائهم إيّاها بمقدار ماورثوه من
التركة، بل يقول: إنَّ دَيْن الميّت لا علاقة له بالورثة.
والصحيح
أنَّ التركة تبقى ملكاً للميت، ويوفّى دينه الثابت في ذمّته بها (لا أنَّ
الدَّيْن يتعلق بالتركة). وإن لم تفِ تركته بمقدار دَيْنه، بقيت ذمَّته مشغولة الى
أن يتبرع عنه متبرع أو يبرئه الدائن[2].
أقول:
ومما يؤيد صحة ما ذهب اليه السيد الشهيد الصدر رحمه الله هو ما وجدناه في الفقه
الشيعي الإمامي من الاعتراف بحوالة الدَيْن على المدين وعلى البريء والاعتراف
بحوالة الحقّ، مع أنَّ الشيعة الإمامية أنفسهم لا يقولون بانتقال ديون الميّت الى
الورثة، ويقولون بانتقال حقوق الميّت إليهم. وهذا دليل على أنَّ تصور انتقال
الحقّ لا ربط به بتصوّر انتقال الدَّيْن من الناحية الأوّلية في التصور.