و هذا هو
الهدف الرئيس للقصّة و لا سيّما في سورة آل عمران و مريم و النساء و المائدة.
الثاني:
بيان انتصار الرسالة الإلهية في النهاية عند ما تتوفر عناصر:
الإخلاص
في العمل، و الصبر، و الجهد، و التضحية، و لو كان ذلك النصر بعد حين من الزمن و
انتقال صاحب الرسالة إلى اللّه تعالى.
و
هذا هو الهدف الرئيس للقصّة في سورة (الصف)، و هو ما يفهم منها كهدف ثانوي في سورة
آل عمران (الآيات 54- 57).
و
هذا الهدف و إن كان من الأهداف القرآنية المشتركة، و لكن تحقّق الانتصار بعد
انتقال صاحب الرسالة إلى اللّه تعالى الذي قد يقترن عادة باليأس من النصر بعد وقوع
حادثة الصلب المؤلمة، فإنّ ذلك من خصائص قصّة عيسى عليه السّلام.
و
في التاريخ الإسلامي نجد مثيلا لذلك النصر الذي حقّقه الإمام الحسين عليه السّلام
في معركته مع يزيد؛ إذ كان ذلك النصر بعد شهادته المروعة.
و
هذا الهدف يرتبط بسنن التاريخ و حركته.
الثالث:
تفسير ظاهرة تاريخية دينية قد تثير تساؤلات و استغراب في تحولات التاريخ، و هي:
ظاهرة أن يأتي النبيّ قومه الأقربين بما يصلح مجتمعهم و حياتهم، و يقيم الحجّة على
ذلك بالأدلّة و البراهين و المعاجز العديدة، ثم يواجه الجحود و الرفض من قبل قومه
و شعبه و عشيرته، و هذا ما حدث للرسالة الإسلامية. فكانت قصّة عيسى عليه السّلام
مثلا لهذه الظاهرة التاريخية التي يقترن فيها الجحود بكل عوامل و عناصر اليقين
وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا ...[1].