و الفرق بين
هذه الصفة و الصفة الاولى لا بدّ أن يكون واضحا؛ لأنّه يراد من الصفة الاولى
(الواقعية) ما يكون جاريا في حياة الناس المعاشة، و الواقع المناسب لحياة الناس قد
يكون صدقا جرى في حياة الناس، و قد يكون كذبا لم يحدث و لم يحصل في حياتهم، و أمّا
هذه الصفة فيراد منها (الصدق) الذي قد حدث و حصل في الخارج.
و
تفتح هاتان الصفتان و الميزتان أمامنا باب البحث و المقارنة بين القصص القرآني و
قصص العهدين، سواء فيما يتعلق بالحوادث و الحقائق أو فيما يتعلق بالصور و المفاهيم
و السلوك، و مدى انطباقها على واقع الحياة الإنسانية.
كما
تفتح الصفة الثانية باب البحث عن موضوع المقارنة التاريخية بين ما ذكره القرآن
الكريم من أحداث و ما دلت عليه الأبحاث (الآثارية) من معلومات تاريخية.
بعض
الباحثين في هذا المجال يحاول أن يتبنّى في الأحداث و الوقائع التي يذكرها القرآن
الكريم رأيا آخر؛ لأنّه يحتمل أنّ القرآن الكريم لم يلتزم و يهتم بالتأكد من صدق
الحوادث التاريخية التي يستعرضها و يتحدّث عنها، بل اكتفى بذكر ما هو معروف من هذه
الحوادث بين الناس و الجماعات و في الأوساط العامّة التي نزل القرآن فيها؛ لأنّ
هدفه من ذكر هذه الحوادث ليس هو التاريخ، بل هدفه استخلاص العبرة منها فقط، و هو
أمر يحصل حتى لو لم تكن هذه الحوادث صادقة أو دقيقة[1].
و
قد ناقش العلّامة الطباطبائي هذا الرأي بشيء من التفصيل، فقال
[1] - تفسير المنار 1: 399، و كذلك الميزان 7: 165- 167
نقلا عن بعض الباحثين.