responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلامية المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 443

عن ملكوته، ويبخسه حقّه، ويسدّ على نفسه أبواب ألطافه التي لا تتناهى، فيسي‌ء إلى نفسه ويحجر عليها أقصى ما هي مستعدّة له من الكمالات ونيل الكرامات.

وفي إزاء ذلك أيضاً لا يعتمد ويتّكل على القضاء والقدر، وعلى ما في السماء من الرزق، فيخالف سنّة اللَّه وكلمته الحسنى‌ التي سبقت لعباده نظراً لهم ورحمة بهم من ربط الأُمور بأسبابها ودخول البيوت من أبوابها: «فَمَنِ ابْتَغى‌ وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ»[1]، هم الذين يخالفون حكمة اللَّه في سابق علمه وأزلي تدبيره.

فالإنسان حتم عليه أن يسعى، لكن متّكلًا على اللَّه لا على سعيه ناظراً إلى أنّه (تعالى) هو الذي يسّره للسعي، وأوجد له الأسباب، ومهّد له السبل، وأعطاه غريزة العقل والاهتداء إليها بتعليم خارجي أو تنبّه داخلي.

كما أنّ من الحري به أن يسعى للدنيا، ولا ينسَ نصيبه من الآخرة، ولا يركن إلى المتاع الفاني عاشقاً له هائماً به.

وأيّ عناية وشفقة على الإنسان أبرّ وأرحم به من هذه التربية الحنون وهذه العظة البالغة (عظة الزهد في الدنيا وعدم الاعتداد والشغف بها) طالما أنّ اللَّه (جلّ شأنه) والخلق جميعاً عالمون علماً يقينياً لا يشوبه ريب أنّهم لا محالة مفارقون لهذا المتاع الزائل والحطام البائد والزخرف الغرور؟!

أفليس من عظيم الشفقة والرحمة بالإنسان تعليمه وتقويمه على أن لا يعشقها حتّى لا تشتدّ الحسرة والرزيّة عليه عند فراقها طالما هو مفارقها لا محالة؟!


[1] سورة المؤمنون 23: 7، وسورة المعارج 70: 31.

اسم الکتاب : الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلامية المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 443
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست