ترى الكنيسة
أو يعتقد بأنّ الشخص حرٌّ فيما يعتقد ويدين به ربّه.
وإذا
سُئل المسيحي عن الأقانيم الثلاث وطلب الباحث منه تصوير معقوليتها وإمكانها- فضلًا
عن تحقّقها وثبوتها- قال: هو سرٌّ لا يدرك!
وصار
القسس تتهدّد بالهلاك الأبدي واللعنة الخالدة كلّ من يتعرّض لأدنى بحث أو تحرّي
لفهم ذلك، وقالوا: هو موضوع إيمان وتسليم، لا بحث واستقراء.
ولهذا
شؤون وتفاصيل وبيانات وتتمّات، عسى أن نتوفّق لإيضاح الحقّ في الإشارة إليها لدى
أواخر الجزء الثاني من مباحث النبوّات إن شاء اللَّه.
ولكن-
وللإسلام مزيد الشكر والمنّة والسلام- فإنّه على الرغم من أُولئك المشرّعين بل
المبتدعين في شرائعهم، قد جاءت شريعته وكتابه الكريم وهو لا يبرح عاملًا على فكّ
العقول من ذلك العقال وإطلاقها من تلك الأغلال وسراحها من هاتيك السجون آمراً
بإعمالها والتدبّر بها وعرض كلّ قضية عليها؛ وثوقاً منه بصحّة ما جاءت به هذه
الشريعة من مشروعاتها في أُصولها وفروعها ومعاملاتها وسياساتها وجميع شؤونها،
وأنّه ليس فيها شيء يأباه العقل، وقانون ترفضه السياسة، وعقيدة تتعقّد على الفهم،
وأدب تمجّه الطباع، كما هو في أخواتها التي ضغطت على حرّية الأفكار وحجرت عن
استعمالها ستراً على ما فيها من منافيات العقول ومصادمات البديهة وصدّاً عن ذلك
الدين القيّم: «مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ
الْمُسْلِمِينَ»[1].
اللهمّ،
فليحيَ العلم والعقل، وليهلك الجور والجهل، ولتنحلّ النحل الباطلة العاتية، ولتقوَ
الملّة الإسلامية السامية.