الإسلامية
والملّة المحمودة المحمّدية، فإنّها هي التي شحذت العقول، وفتحت لها أبوابها،
وأطلقت سبيلها، وقامت بها على نواميس العلم والمعرفة، وبثّت منها في الوجود روح
التدبّر والبصيرة حتّى بزغت أنوارها وتنوّرت أفكارها، وأعطت لكلّ واحد من عقول
البشر ما هو الحري بها من حرّيتها في التصرّف بالعلوم والمعارف، والتصدّي لطلب
الفوت في الكمال والسبقة، وتحصيل العقائد الحقّة، والنجاة من كلّ ورطة، والنهوض من
كلّ سقطة، وحثّت على العبرة والفكرة والبصيرة والنظر في ملكوت السماوات والأرض
للتوصّل إلى أسرارها الدقيقة والغور في طلب الحقيقة.
وإذا
شئت برهان ما نقول فهاك انظر إلى سجل قوانين هذا الدين (القرآن المبين) تجده
مشحوناً بأمثال قوله (تعالى): «أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ»[1]،
أفلا «يَذَّكَّرُونَ»[2]،
«أَ فَلا يَعْقِلُونَ»[3]،
وأمثال قوله (تعالى) في التأنيب على ترك التعقّل: «إِنْ
هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا»[4]
وأمثال قوله (تعالى): «أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ
فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها
لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ»[5]،
وأمثال قوله (تعالى): «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ
وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ* الَّذِينَ
يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ
فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ»[6]،
الخ إلى