ألا
ترى قوله عليه السلام- بعد تلك الفقرات-: «وإنّما أنا وأنتم عبيد مملوكون لربٍّ لا
ربّ غيره...» الخ، فإنّه كالصريح في أنّ مراده إثبات مشاركتهم في العبودية
للَّهوالمخلوقية له، لا المشاركة في الخطأ والجهل، إلّابحسب أصل الطبيعة، لا بحسب
الحال الحاضر.
هذا
كلّه مضافاً إلى ما في هذه الكلمات من فائدة التعليم والتدريب لسائر ولاة الأمر من
بعده كي لا يحملهم الكبر والفخر والهوى وحبّ النفس والأنفة والترفّع والتعاظم
والتمنّع عن احتمالهم تطرّق الخطأ والغفلة في حقّ أنفسهم، فيستقلّون في آرائهم
ويستأثرون في التصرّف بحسب شهواتهم وأهوائهم قضاءً لوطر تلك الشهوة اللازمة
وإعوازاً لتلك الملكة العاصمة؛ إذ هم بعدُ على أصل طبيعة البشرية، والخطأ جائز في
حقّهم في الساعة الحاضرة والحالة الفعلية، فوجب- طلباً لصلاح المملكة ونجاحها-
مراجعتهم لذوي الألباب المستقيمة والآراء القويمة والجدّ والعزيمة والدين والنصيحة
والأغراض الصحيحة في كلّ نقض وإبرام وحلٍّ وإحكام ووقوف وإقدام.
فيكون
كلامه عليه السلام وارداً مورد قوله (تعالى) لنبيّه الأكرم الذي طهّره وأهل بيته
من الرجس تطهيراً: «وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ»[1]،
«وَ أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ»[2].
ومن
المعلوم المسجّل استغناء حبيبه المبجّل عن مراجعة قومه وأصحابه، وأكثرهم عُرب
بوادي، ليس لهم في شيء من العلوم قدم ولا أيادي!