responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلامية المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 314

باهرة وقوّة قاهرة ونعمة زاهرة.

أحيانا اللَّه في ذلك العيش الأنيق، أو حيّانا بلطفه بغتةً، فأشهدنا ذلك الغصن الرشيق، أو أبقانا بمنّه إلى ظهور ذلك العصر الوريق، فإنّي أصفه وأحمده ولا أعرف من يعرفه أو يجده، وأذكر سجاياه ولا أنظره ولا أراه، وأسمع بتذكاره وتتلو الصحف عليّ جميل أخباره ولا أرى في أُفقي شيئاً من آثاره.

لا، واعتدال مذهبك وعدل آبائك وما سبكه الإسلام في شرائعه المقدّسة من أحسن السبائك، إنّ العدل إذا استمرّ هجره أزماناً وسُدّ باب العمل به عمىً وطغياناً، استحالت الطباع لا محالة ظلماً وعدواناً، وعادوا أعداءً وقد جعلهم اللَّه بفضله إخواناً، وصار المتغلّبون سباعاً ضارية، والمتأمّرون ذئاباً عادية، وضعفاء الرعيّة كأنضاء[1] الإبل الأنقاض أو كقطيع الماشية، حتّى راح كلّ واحد وهمّته من عجزه وتراخيه هضم حقوق أخيه، وسلب نعم اللَّه عليه وأياديه، والسعي في أن يهلكه ويرديه!

فلو تجسّمت لك أعمالهم لما رأيت إلّانهشاً وعضّاً، ولو كشف لك عن قلوبهم لما وجدت- بعد ظلمة الجهل- إلّاحقداً وبغضاً، ولو بلوت أحوالهم لما بلوت إلّاأخلاقاً سبعية أو بهائم وحشية يفترس بعضها بعضاً!

فالصورة صورة إنسان، والقلب قلب حيوان!

لا، وأنّى لك منهم بطباع الحيوانات، بل ليتهم كانوا كالوحوش الضاريات! فإنّك لا تجد فيها من لا تأخذه على أبناء نوعه الغيرة والحمية، ولا تعدّ بها إلّا القليل ممّن لا تعطفه على أبناء جنسه عواطف الجنسية وروابط السنخية.


[1] النَضو: البعير المهزول.( صحاح اللغة 6: 2511).

اسم الکتاب : الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلامية المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 314
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست