وأنت جدّ
خبير بما عليه الإنسان من غريزة حبّ الذات والميل إلى الشرّ والشهوات، وأنّه حيوان
قبلما هو إنسان، وبهيم هامل قبل ما هو عاقل كامل، فلا جرم أن يزفن[1]
فرحاً ويطير طرباً بأقوال المادّيين و (شميّل) وإخوانه نابذاً وراءه نصائح قاطبة
الأنبياء والكتب الإلهية والحكماء والفلاسفة وجماهير المصلحين في العالم؛ إذ
الشهوة تبعث الشوق، والشوق يبعث الحبّ، و: «الحبّ يعمي ويصمّ»[2]،
ويدفع إلى الشهوة بنفسه، فكيف مع المرغّب والمساعد والمؤمّن والمطمّن؟!
هذه
هي بواعث النفوس البشرية إلى الشرور الأدبية بل والمادّية- أيّها السائل- لا
العناية الإلهية، كما سردت في سؤالك وقرّرته عنك في إشكالك. بل لعلّك إلى هنا قد
أحطت خبراً بأسباب كلّية الشرور في العالم بحسب دوائرها الثلاث التي لا يخرج عن
حيطتها شرٌّ من الشرور، وهي: الإمكانية، والمادّية، والأدبية، وأصبت- بما قدّمناه
لك من الشرح الذي لا أظنّك تعثر على مثله في غير هذه الصفحات من هذه الدعوة- نعم،
عساك أصبت من ذلك البيان رمز ما أوعزت إليه الحكماء من الفلاسفة والواصلون من
أرباب المعارف في قولهم: (إنّ جميع ما في العالم خير بالذات وإن ترتب على بعضه
شرٌّ بالعرض)[3]، وما أشرنا
إليه أوّل البحث من قولهم: (لا يوجد في الكون إلّاالخير المحض، أو