responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلامية المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 209

والشمبانزي! (كما يزعمون هم عن أنفسهم)، وامتهنتك الصروف والمحن بالخصام معه وتسجيل الحجّة عليه في صحّة مبدئك، فسله سؤالًا لا تجد أنت ولا هو أبسط منه، وقل له:

يا هذا، أتفرّق بين الوجود والعدم وتميّز بين الموجود والمعدوم، أم لا ميزة بينهما عندك ولا مغايرة فيهما لديك؟

فإن قال: نعم، الفرق جلي بينهما والتغاير بديهي فيهما، وكيف يغيب على الإنسان ما لا يغيب عن أخسّ الحيوانات بتمام أنواعها وأصنافها؟!

فقل له: هذه الأشياء الكونية التي تمسّها يدك وتبصرها عينك من قريب وبعيد وحادث وتليد وكلّ ما تحسّ به عيناً أو ذهناً، هل هي موجودة، أو معدومة؟

لا محالة هي موجودة.

فهل هي نفس حقيقة الوجود وعين ذاته، أو حقائق مختلفة الذوات والوجود أمر وراء حقيقتها، وهو وصف طارٍ عليها مشترك بينها؟

لا محالة أنّها ليست نفس حقيقة الوجود، وإلّا لكانت جميع الموجودات حقيقة واحدة ذات أثر واحد وخواصٍّ متّفقة، وهو خلاف المحسوس بالضرورة، فهي إذاً سوى حقيقة الوجود، ولكنّها متّصفة به ثابتة بثبوته، وهو في نفس ذاته زائد عليها عارض لها.

وعليه، فمن أين عرضت لها هذه الصفة؟ ومن ذا الذي أفاض عليها تلك الصبغة؟ من ذا أوجد هاتيك الحقائق؟ أهي أنفسها أوجدت أنفسها؟ فيكون المعدوم قد أوجد نفسه حين لا حظّ له من الوجود، أم المادّة أوجدتها؟

والسؤال بعينه جارٍ فيها: أهي نفس الوجود، أم شي‌ء موجود؟

اسم الکتاب : الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلامية المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 209
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست