الخلط أدّى
إلى ذلك الخبط، وهذا الغلط أنتج ذلك الشطط.
يقول
المادّيون: (أزليان متلازمان: القوّة والمادّة، فلا مادّة بلا قوّة، ولا قوّة بلا
مادّة)[1].
فكأيّن
من قائل لهم: إن أردتم بالأزلي: ما لا أوّل لوجوده وما لم يسبق بالعدم والذي لم
يقف العلم والتاريخ والفحص والطلب على بدايته وأوّل حدوثه، فذاك شيء ربّما لا
ندافعكم عنه ولا نعارضكم فيه؛ فإنّه لا يصدم ما نحن بصدده من إثبات تلك القوّة
المجرّدة التي هي مصدر كلّ قوّة ومنبع كلّ إفاضة.
ومن
يدّعيه لا يدّعي أكثر من أنّ العقل يحكم- بما لديه من المبادئ الموطّدة والمقدّمات
الممهّدة- أنّ لها أوّلًا وإن كان غير محدود ولا معدود، لا نحدّه بالزمان والأعوام
ولا نعدّه بالليالي والأيّام، كيف! والزمان متأخّر عنه بمراتب.
وإن
أردتم بالأزلية الوجوب الذاتي وعدم المعلولية، فهذا هو الخلاف الجوهري فيما بيننا.
وعليه،
فنسألكم: هل القوّة بذاتها وفعلها غنية عن المادّة، والمادّة كذلك غنية عن القوّة،
أم كلٌّ محتاج إلى قرينه متوقّف الوجود والتأثير على اقترانه بشقيقه؟
فإن
كان كلٌّ مستغنياً عن الآخر فما بال القوّة لم توجد أبداً منفصلة عن
[1] صاحب هذا القول بخصوصه هو مولشت( 1822- 1893 م)
عالم في الفسلجة.
ولد في هولندا، وكان من أكبر
المادّيين.
له كتاب:( جريان الحياة).
انظر: مبادئ الفلسفة 153- 154 و
224، موسوعة أعلام الفلسفة 2: 483.