responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلامية المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 205

المادّة منفكّة عن الافتقار والحاجة؟! ما بالها لا توجد من سنخها قوّة مجرّدة، ولا تؤثّر أثراً منفرداً منفكّاً عن الطبيعة، كما يقوله الإلهيون المتمسّكون بالمجرّدات عن المادّيات التي هي من فيض تلك القوّة التي يدينون بها ويألهون إليها، ويرون- وحقّاً ما يرون- أنّ جميع العوالم (عوالم الغيب والشهادة) كلّها رشحة من رشحاتها ونفحة من نفحاتها ولمحة من قبساتها[1]؟!

وإن كان الحال على العكس من ذلك، بأن كان كلٌّ من المادّة والقوّة محتاجاً في وجوده وتأثيره إلى الآخر منوطاً به مفتقراً إليه فهما- لا محالة- ممكنان؛ إذ كلّ محتاج ممكن، وكلّ ممكن محتاج في حدوث وجوده وبقائه إلى علّة، كاحتياجه إليها في ربطه بمثله وتركيبه مع غيره، وتلك العلّة إمّا هي نفس المادّة والقوّة لولا أنّ المعدوم لا يؤثّر شيئاً لا في نفسه ولا في غيره، فكيف يؤثّر في إيجاد ذاته؟! فلا محالة علّتهما سواهما لا أنفسهما.

والكلام في تلك العلّة جارٍ بمثل ما ذكرناه فيهما، فإمّا أن ينتهي الأمر إلى قوّة مجرّدة قائمة بنفسها غنية بذاتها قيّومة على كلّ شي‌ء، وعند ذا يسكن الجأش وتطمأنّ النفس ويرتاح العقل من عناء السؤال وتعب الطلب، أو لا.

وعليه، فيبقى السؤال متسلسلًا والطلب متتابعاً والعقل حيراناً مدلّهاً، أو يضغط المادّيون عليه ويأخذون منه بالمخنق قائلين له: اقتنع بالمادّة وتعبّد بهذه الغاية واخضع لهذه الآلهة طوعاً أو كرهاً، فإنّها هي التي جعلتك إنساناً وسوّتك رجلًا!

لا يا هؤلاء، كلّ شي‌ء يمكن الضغط عليه ولا يتعذّر خنقه، إلّاالعقول، فإنّ‌


[1] لاحظ: غنية النزوع 2: 24 و 27، شرح القاساني على فصوص الحكم 169- 170، إرشاد الطالبين 155، القبسات 24 و 127.

اسم الکتاب : الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلامية المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 205
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست