اسم الکتاب : الإسلام و إيران، عطاء و امتنان المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى الجزء : 1 صفحة : 240
ويرى كريستن
سن أيضاً: أنّ الزرادشتيين بعد ظهور الإسلام رفضوا المواد الزروانية من بين
عقائدهم وكتبهم، وأخذوا يقولون بنوع من الثنوية فيها من الفلسفة ما يمكنهم معها
الدفاع بها عن ثنويتهم. يقول:
«إنّ
شريعة زرادشت التي كانت على عهد الساسانيين الدين الرسمي للدولة، كانت تبتنى على
أُصول، كانت في أواخر هذا العهد قد خوت من كل شيء، وكان لابد لها من الإنحطاط
قطعاً. فلمّا أطاح الإسلام بالدولة الساسانية التي كانت قد تبنت الدفاع عن رجال
زرادشت، أدرك هؤلاء أن لابدّ لهم من سعي حثيث لحفظ شريعتهم من الإنحلال التام. وقد
تحقّق هذا السعي الحثيث: فقد رفضوا من عقائدهم العقائد الزروانية والأساطير الصبيانية
المتعلقة بها، وجعلوا سنّتهم دين زرادشت من دون الشوائب الزروانية، وبالتالي تبدلت
القصص التي كانت ترجع الى قصة الخلقة للعالم، والغيت عبادة الشمس وجعلوها عندهم
كما كانت في «مهريشت» العتيق، كي يتظاهروا بالتوحيد أكثر من الثنوية، وحذفوا
كثيراً من الروايات الدينية لديهم أو غيّروها، وتناسوا اقساماً من أُوستا الساساني
وتفاسيره الخليطة بالأفكار الزروانية. وجدير بالملاحظة أنّه يقول: إنّ «يشتها»
المربوطة بقصص التكوين و التي قد بقي قليل منها في «دينكرد» قد لُخّصت واختصرت
وأُوجزت الى درجة أن تحلل كثير منها حتى لم يبق مما بقى منها سوى أسطر يسيرة
لايفهم منها شيء بوضوح! وقد وقع جميع هذه التصرفات والتغييرات في القرون المظلمة
بعد انقراض الساسانيين. ولم يصرح بل لم يشر أي كتاب فارسي بهذه الإصلاحات، بل
تظاهروا بما أصلحوا من دين زرادشت وكأنّه هو نفس ما كان في ما سبق من الزمان»[1].
وسنقول
نحن: إنّ خدمة الإسلام لدين زرادشت لم تكن بأقل من سائر خدمات هذا الدين الحنيف.
وإنّ هذه الإصلاحات وإن كانت بصورة غير مباشرة ولكنها أثرت أكثر حتى من إصلاحات
زرادشت نفسه.