responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ولاية الفقيه و ما يتعلق بها (دليل تحرير الوسيلة للإمام الخميني) المؤلف : السيفي المازندراني، الشيخ علي أكبر    الجزء : 1  صفحة : 28

بخلاف الفتوى فإنّها لا اختصاص لحجيتها بمورد دون مورد.

رابعها: أنّ الحكم لا يجوز نقضها للغير، حتى في المسائل الخلافية بل و لو كان المحكوم عليه مجتهداً، إلّا إذا ادّعى جور الحاكم في حكمه و شكى‌ في ذلك إلى حاكم آخر. فيجوز له حينئذٍ نقضه، إذا ثبت له شرعاً جور الحاكم الأوّل في حكمه، أو بان خطأ مستنده في الحكم، كما أشار إلى الأوّل في الجواهر بقوله: «ليس على الحاكم تتبع حكم من كان قبله .. لكن لو زعم المحكوم عليه أنّ الأوّل حكم عليه بالجور .. لزمه النظر فيه، أي في حكمه بلا خلاف أجده بين من تعرّض له منّا ..»[1].

و قد أشار إلى الثاني بقوله: «و كذا كل حكم قضى به الأوّل و بان للثاني فيه الخطأ و لو لفساد الاجتهاد من الأوّل فإنّه ينقضه. و كذا لو حكم هو ثمّ تبيّن الخطأ فإنّه يبطل الأوّل و يستأنف الحكم بما علمه»[2]. و هذا بخلاف الفتوى فيجوز للمقلّد نقضه بالرجوع إلى مجتهد آخر، إلّا إذا كان الأوّل أعلم. هذا إذا كان الغير عاميّاً مقلّداً، و أمّا إذا كان مجتهداً، فله أن يعمل بفتوى نفسه و إن كان ناقضاً بذلك فتوى مجتهد آخر، بل يجب عليه ذلك مطلقاً و إن كان المجتهد الآخر أعلم منه.

و عليه فالحكم لا يجوز نقضه مطلقاً لا بحكم آخر و لا بفتوى مجتهد آخر. و إنّ للسيد اليزدي كلاماً جامعاً في المقام ينبغي نقله. قال (قدّس سرّه): «كما لا يجوز نقض الحكم بالحكم، كذلك لا يجوز نقضه بالفتوى.». و أمّا الفتوى فيجوز نقضها بالفتوى و بالحكم، أمّا الأوّل فكما إذا مات مجتهده أو تغيّر رأيه فإنّه يجب عليه و على مقلّديه العمل بالفتوى الثانية فيما يأتي، دون ما مضى فإنّه صحيح، فالأعمال السابقة محكومة بالصحة، بل إذا كان ما مضى عقداً أو إيقاعاً أو نحوهما ممّا من شأنه الدوام و الاستمرار، يبقى على صحته فيما يأتي أيضاً، بالنسبة إلى تلك الواقعة الخاصة. فإذا تزوّج بكراً بإذنها بناءً على كون أمرها بيدها ثمّ تبدّل رأيه أو رأي مجتهده إلى كون أمرها بيد أبيها، تكون باقية على زوجيته و إن كان لا يجوز له نكاح مثلها بعد ذلك.

و أمّا الثاني فكما إذا كان مذهبه اجتهاداً أو تقليداً نجاسة الغسالة أو عرق الجنب من الحرام مثلًا، و اشترى مائعاً، فتبيّن أنّه كان ملاقياً للغسالة أو عرق الجنب من الحرام، فتنازع مع البائع في صحة البيع و عدمها، و ترافعا إلى مجتهد كان مذهبه عدم النجاسة و صحة البيع فحكم بصحته، فإنّ اللازم على المشتري العمل به و جواز التصرف في ذلك المائع، ففي خصوص هذا المورد يعمل بمقتضى الطهارة و يبني عليها و ينقض الفتوى بالنسبة إليه بذلك الحكم. و أمّا بالنسبة إلى سائر الموارد فعلى مذهبه من النجاسة، حتى أنّه إذا لاقى ذلك المائع بعد الحكم بطهارة الغسالة أو عرق الجنب يبقى على تقليده الأوّل فيبني على نجاسته، و هكذا في سائر المسائل الظنية في غير الصورتين المذكورتين»[3].

خامسها: أنّ الحاكم في الحكم هو القاضي؛ نظراً إلى صدور الحكم بإنشائه. و أمّا الفتوى فالحاكم فيه هو الشارع، و إنّما الفقيه يخبر بالفتوى عن حكمه.

و عليه فالحكم الفتوائي يشرّعه الشارع و ينشئه بالخطابات اللفظية، و لكن الحكم الحكومي ينشئه الحاكم في مقام القضاء و الإلزام.


[1] جواهر الكلام 40: 103.

[2] نفس المصدر: 94.

[3] العروة الوثقى 3: 27، مسألة 35.

اسم الکتاب : ولاية الفقيه و ما يتعلق بها (دليل تحرير الوسيلة للإمام الخميني) المؤلف : السيفي المازندراني، الشيخ علي أكبر    الجزء : 1  صفحة : 28
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست