تكلّمالباري
إنّ أوّل مسألة وقع الخلاف فيها بين الأشاعرة و
المعتزلة مسألة تكلّم الباري (تعالى). و لمّا كانت
هذه المسألة أوّل مسألة وقع فيها البحث من بين المسائل الاعتقادية،
سمي العلم الباحث عن أصول الدين بعلم الكلام. و كان غرضهم من هذا
النزاع إثبات أنّ القرآن حادثٌ أو قديم. و قد وقع الجدال بينهم و سفكت
الدماء على ذلك.
و قبل الورود في هذا البحث ينبغي إشارة إجمالية إلى منشأ ظهور
المعتزلة و الاشاعرة. و ذلك أنّ بعض أسراء المشركين الذين أسروهم
المسلمون بالقتال قد اختلطوا بالمسلمين في أيام إسارتهم، و حضروا
مجالسهم الاعتقادية و محافلهم الدينية فألقوا إلى المسلمين معتقداتهم
و أصولهم الاعتقادية التي أخذوها من حكماء العجم و الروم قبل
الاسلام، فجاء بعد ذلك أهلُ الفضل و الحلّ و العقد من المسلمين، و
باحثوا حول ما تلقّوه من أسراء المشركين و أسّسوا حلقات البحث و
المناظرة في هذه المسائل الاعتقادية.
و ممّن أسّس حلقات البحث في ذلك الحسن البصري، و كان يذاكر
تلامذته في المسائل الاعتقادية. و قد وقع يوماً من الأيام بينه و بين
واصل بن عطاء (أحد تلامذته) مشاجرة في مسألة، فاعتزل ابن عطاء
عن حلقته و أسّس لنفسه حلقة و خالف أستاذه في أكثر المسائل، و من