الثالث، لان
التفكيك بين الأوامر و كون بعضها وجوبية و بعضها استحبابية لا يعني على هذا القول تغاير
مدلولاتها، بل كلها ذات معنى واحد، و لكنه اريد في بعضها مطلقا و في بعضها مقيدا.
الاوامر
الارشادية:
و
مهما يكن فالأصل في دلالة الأمر انه يدلّ على طلب المادة و ايجابها، و لكنه يستعمل
في جملة من الاحيان للارشاد، فالأمر في قولهم:
استقبل
القبلة بذبيحتك، ليس مفاده الطلب و الوجوب، لوضوح أنّ شخصا لو لم يستقبل القبلة
بالذبيحة لم يكن آثما، و انما تحرم عليه الذبيحة. فمفاد الأمر اذن الارشاد الى
شرطية الاستقبال في التذكية، و قد يعبّر عن ذلك بالوجوب الشرطي، باعتبار انّ الشرط
واجب في المشروط. و الأمر في: اغسل ثوبك من البول، ليس مفاده طلب الغسل و وجوبه،
بل الارشاد الى نجاسته بالبول، و أنّ مطهّره هو الماء. و أمر الطبيب للمريض
باستعمال الدواء ليس مفاده الّا الارشاد الى ما في الدواء من نفع و شفاء.
و
في كلّ هذه الحالات تحتفظ صيغة الأمر بمدلولها التصوري الوضعي، و هو النسبة الارسالية،
غير ان مدلولها التصديقي الجدّي يختلف من مورد الى آخر.
القسم
الثاني
و
نقصد به الجملة الخبرية المستعملة في مقام الطلب، و الكلام حولها