المرحلة
الثانية: انّ تكثّر النوع الواحد من النسبة، كنسبة الظرفية مثلا لا يعقل إلّا مع فرض
تغاير الطرفين ذاتا، كما في نسبة النار الى الموقد، و نسبة الكتاب الى الرفّ، أو
موطنا، كما في نسبة الظرفية بين النار و الموقد في الخارج و في ذهن المتكلم و في
ذهن السامع.
و
كلما تكثّرت النسبة على احد هذين النحوين، استحال انتزاع جامع ذاتي حقيقي بينها، و
ذلك إذا عرفنا ما يلي:
أولا:
إنّ الجامع الذاتي الحقيقي ما تحفظ فيه المقومات الذاتية للافراد، خلافا للجامع
العرضي الذي لا يستبطن تلك المقومات. و مثال الأول: الانسان بالنسبة الى زيد و
خالد. و مثال الثاني: الابيض بالنسبة اليهما.
ثانيا:
ان انتزاع الجامع يكون بحفظ جهة مشتركة بين الافراد مع الغاء ما به الامتياز.
ثالثا:
إنّ ما به امتياز النسب الظرفية المذكورة بعضها على بعض انما هو اطرافها، و كلّ
نسبة متقومة ذاتا بطرفيها، أي انها في مرتبة ذاتها لا يمكن تعقّلها بصورة مستقلة
عن طرفيها، و الّا لم تكن نسبة و ربطا في هذه المرتبة.
و
على هذا الأساس نعرف انّ انتزاع الجامع بين النسب الظرفية مثلا، يتوقف على إلغاء
ما به الامتياز بينها، و هو الطرفان لكلّ نسبة، و لمّا كان طرفا كل نسبة مقوّمين
لها، فما يحفظ من حيثية بعد الغاء الاطراف