و إذا كان
كلاهما بالوضع أو بقرينة الحكمة فهناك قولان، أحدهما:
انهما
متكافئان فيتساقطان معا، و الآخر: تقديم الشمولي على البدلي، و يمكن أن يفسّر ذلك
بعدة أوجه:
الأول:
أن يقال بأقوائية الظهور الشمولي من الظهور البدلي في اطلاقين متماثلين من حيث
كونهما وضعيين أو حكميين، و ذلك لانّ الشمولي يتكفل أحكاما عديدة بنحو الانحلال
بخلاف المطلق البدلي الذي لا يتكفل إلّا حكما واحدا وسيع الدائرة، و الاهتمام
النوعي ببيان اصل حكم برأسه أشدّ من الاهتمام ببيان حدوده و دائرته سعة و ضيقا؛
فيكون التعهد العرفي بعدم تخلف بيان اصل حكم عن ارادته اقوى من التعهد العرفي بعدم
تخلف بيان سعة حكم عن ارادتها، و لمّا كان تقديم البدلي يستدعي التخلف الأول و
تقديم الشمولي يستدعي التخلف الثاني الأخف محذورا، تعيّن ذلك.
الثاني:
انّ الأمر في: أكرم فقيرا، يختص بالحصة المقدورة عقلا و شرعا بناء على انّ التكليف
بالجامع بين المقدور و غير المقدور ليس معقولا، و شمول لا تكرم الفاسق للفقير
الفاسق يجعل اكرامه غير مقدور شرعا فيرتفع بذلك موضوع الاطلاق البدلي و يكون
الشمولي واردا عليه.
و
لكن تقدّم في محله انّ تعلّق التكليف بالجامع بين المقدور و غيره معقول.
الثالث:
انّ خطاب «لا تكرم الفاسق» لا يعارض في الحقيقة وجوب اكرام فقير ما الذي هو مدلول
خطاب «اكرم فقيرا» بل يعارض الترخيص في تطبيق الاكرام الواجب على اكرام الفقير
الفاسق، و هذا يعني انّ التعارض يقوم في الواقع بين دليل الالزام في الخطاب
الشمولي