و أما الخاص
من القسم الثالث فلا شك في انه معارض للعموم.
و
على أي حال فلا خلاف في تقدّم الخاص على العام عند وقوع المعارضة بينهما، فان كان
الخاص متصلا لم يسمح بانعقاد ظهور تصديقي للعام في العموم. و ان كان منفصلا اعتبر
قرينة على تخصيصه، فيخرج ظهور العام عن موضوع دليل الحجية، لوجود قرينة على خلافه،
و هذا على العموم مما لا خلاف فيه.
و
انما الخلاف في نقطة و هي انّ قرينية الخاص على التخصيص هل هي بملاك الاخصّية
مباشرة أو بملاك انّه أقوى الدليلين ظهورا، فانّ ظهور الخاص في الشمول لمورده أقوى
دائما من ظهور العام في الشمول له.
و
تظهر الثمرة فيما إذا كان استخراج الحكم من الدليل الخاص موقوفا على ملاحظة ظهور
آخر غير ظهوره في الشمول المذكور، إذ قد لا يكون ذلك الظهور الآخر أقوى، و مثاله
أن يرد: (لا يجب إكرام الفقراء) و يرد:
(اكرم
الفقير القانع) فانّ تخصيص العام يتوقف على مجموع ظهورين في الخاص، أحدهما: الشمول
لمورده، و الآخر: كون صيغة الأمر فيه بمعنى الوجوب، و الأول و إن كان اقوى من ظهور
العام في العموم و لكن قد لا يكون الثاني كذلك.
و
الصحيح انّ الاخصّية بنفسها ملاك للقرينية عرفا، بدليل انّ أيّ خاص نفترضه لو
تصوّرناه متصلا بالعام لهدم ظهوره التصديقي من الاساس، و هذا كاشف عن القرينية،
كما تقدم.
و
هذا لا ينافي التسليم أيضا بأنّ الاظهر إذا كانت أظهريّته واضحة عرفا يعتبر قرينة
أيضا؛ و في حالة تعارضه مع الظاهر يجمع بينهما عرفا بتحكيم الاظهر على الظاهر وفقا
لنظرية الجمع العرفي العامة.