و
نلاحظ على ذلك أولا: انّ العلم الاجمالي ليس متعلقا بالواقع بل بالجامع، فلا يحتمل
أن يكون أيّ واحد من تلك الاشياء معلوم النجاسة.
و
ثانيا: لو سلّمنا انّ العلم الاجمالي يتعلق بالواقع فهو يتعلق به على نحو يلائم مع
الشك فيه أيضا. و دليل الاستصحاب مفاده انّه لا يرفع اليد عن الحالة السابقة في كل
مورد يكون بقاؤها فيه مشكوكا، و هذا يشمل محل الكلام حتى لو انطبق العلم الاجمالي
بالنجاسة على نفس المورد أيضا.
فان
قيل: بل لا يشمل، لأنّنا حينئذ لا ننقض اليقين بالشك بل باليقين.
كان
الجواب: انّ «الباء» هنا لا يراد بها النهي عن النقض بسبب الشك، و إلّا للزم إمكان
النقض بالقرعة أو الاستخارة، بل يراد بذلك انه لا نقض في حالة الشك، و هي محفوظة
في المقام.
الشبهات
الحكمية في ضوء الركن الثاني:
و
قد يقال: انّ الركن الثاني يستدعي عدم جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية، كما إذا
شك في بقاء نجاسة الماء أو حرمة المقاربة، بعد زوال التغير او النقاء من الدم. و
ذلك لانّ النجاسة و الحرمة و كل حكم شرعي، ليس له وجود و ثبوت إلّا بالجعل، و
الجعل آنيّ دفعي؛ فكل المجعول يثبت في عالم الجعل في آن واحد من دون أن يكون البعض
منه بقاء للبعض الآخر و مترتبا عليه زمانا، فنجاسة الماء المتغير بتمام حصصها و
حرمة مقاربة المرأة بتمام حصصها متقارنة زمانا في عالم الجعل، و عليه فلا شك في
البقاء بل و لا يقين بحدوث المشكوك اصلا،