تأثيره عن
طريق رفع التعارض، و ذلك باخراج موارد الامارات المثبتة للتكليف عن كونها موردا
لاصالة البراءة، لأنّ الامارة حاكمة على الاصل، فتبقى الموارد الاخرى مجرى لاصل
البراءة بدون معارض؛ و بذلك يختل الركن الثالث و يتحقّق الانحلال الحكمي من دون
فرق بين أن نقول بمسلك جعل الطريقية و إلغاء الشك بدليل الحجية، أولا.
تحديد
مفاد البراءة:
و
بعد أن اتضح إنّ البراءة تجري عند الشك، لوجود الدليل عليها و عدم المانع، يجب أن
نعرف انّ الضابط في جريانها أن يكون الشك في التكليف، لأنّ هذا هو موضوع دليل
البراءة. و أما إذا كان التكليف معلوما و الشك في الامتثال فلا تجري البراءة و
انما تجري أصالة الاشتغال، لأنّ الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني. و هذا واضح
على مسلكنا المتقدم القائل بأنّ الامتثال و العصيان ليسا من مسقطات التكليف بل من
أسباب انتهاء فاعليته، إذ على هذا المسلك لا يكون الشك في الامتثال شكا في فعلية
التكليف، فلا موضوع لدليل البراءة بوجه.
و
اما إذا قيل: بأنّ الامتثال من مسقطات التكليف، فالشك فيه شك في التكليف لا محالة؛
و من هنا قد يتوهّم تحقق موضوع البراءة و إطلاق ادلتها لمثل ذلك، و لا بدّ للتخلّص
من ذلك إمّا من دعوى انصراف أدلّة البراءة الى الشك الناشئ من غير ناحية الامتثال،
أو التمسك بأصل موضوعي حاكم، و هو استصحاب عدم الامتثال.
ثم
بعد الفراغ عن الفرق بين الشك في التكليف و الشك في الامتثال- أي المكلف به-
باتخاذ الأول ضابطا للبراءة و الثاني ضابطا