و
الآخر: الحكم العملي، و هو إدراك ما ينبغي أو ما لا ينبغي أن يقع.
و
بالتحليل نلاحظ رجوع الثاني الى الأول، لأنّه إدراك لصفة واقعية في الفعل، و هي
انه ينبغي ان يقع، و هو الحسن، أو لا ينبغي، و هو القبح.
و
على هذا نعرف ان الحسن و القبح صفتان واقعيتان يدركهما العقل، كما يدرك سائر
الصفات و الامور الواقعية، غير انهما تختلفان عنها في اقتضائهما بذاتهما جريا
عمليا معينا خلافا للامور الواقعية الاخرى.
و
على هذا الأساس يمكن ان يقال ان الحكم النظري هو إدراك الامور الواقعية التي لا
تقتضي بذاتها جريا عمليا معينا، و الحكم العملي هو إدراك الامور الواقعية التي
تقتضي بذاتها ذلك. و يدخل إدراك العقل للمصلحة و المفسدة في الحكم النظري، لأنّ
المصلحة ليست بذاتها مقتضية للجري العملي، و يختص الحكم العملي من العقل بإدراك
الحسن و القبح. و سنتكلم فيما يلي عن الملازمة بين كلا هذين القسمين