فان قيل: إن
التقيّد منتزع عن القيد، فالأمر به أمر بالقيد؛ كان الجواب: انّ القيد و إن كان
دخيلا في حصول التقيّد، لأنّه طرف له، لكن هذا لا يعني كونه عينه، بل التقيّد بما
هو معنى حرفي له حظ من الوجود و الواقعية، مغاير لوجود طرفيه، و ذلك هو متعلق
الأمر النفسي ضمنا. فالمقدّمة الشرعية إذن تتصف بالوجوب الغيري كالمقدّمة العقلية
إذا تمّت الملازمة.
تحقيق
حال الملازمة:
و
الصحيح إنكار الوجوب الغيري في مرحلة الجعل و الإيجاب، مع التسليم بالشوق الغيري
في مرحلة الارادة.
أما
الأول: فلأن الوجوب الغيري إن اريد به الوجوب المترشّح بصورة قهريّة من قبل الوجوب
النفسي، فهذا غير معقول، لأن الوجوب جعل و اعتبار، و الجعل فعل اختياري للجاعل و
لا يمكن ترشّحه بصورة قهريّة.
و
ان اريد به وجوب يجعل بصورة اختيارية من قبل المولى، فهذا يحتاج إلى مبرّر و مصحّح
لجعله، مع انّ الوجوب الغيري لا مصحّح لجعله، لأنّ المصحّح للجعل- كما تقدّم في
محله- إمّا إبراز الملاك بهذا اللسان التشريعي، و إمّا تحديد مركز حقّ الطاعة و
الإدانة، و كلا الأمرين لا معنى له في المقام، لأنّ الملاك مبرز بنفس الوجوب
النفسي، و الوجوب الغيري لا يستتبع إدانة و لا يصلح للتحريك- كما مرّ بنا- فيلغوا
جعله.
و
أما الثاني: فمن أجل التلازم بين حبّ شيء و حبّ مقدمته، و هو تلازم لا برهان
عليه، و انما نؤمن به لشهادة الوجدان. و بذلك صحّ