لا
شك في أنّ ظواهر اللغة و الكلام تتطور و تتغيّر على مرّ الزمن بفعل مؤثّرات مختلفة
لغوية و فكرية و اجتماعية. فقد يكون ما هو المعنى الظاهر في عصر صدور الحديث
مخالفا للمعنى الظاهر في عصر السماع الذي يراد العمل فيه بذلك الحديث.
و
موضوع الحجّية الظهور في عصر صدور الكلام، لا في عصر السماع المغاير له، لانها
حجّية عقلائية قائمة على اساس حيثية الكشف و الظهور الحالي. و من الواضح انّ ظاهر
حال المتكلم ارادة ما هو المعنى الظاهر فعلا في زمان صدور الكلام منه، و عليه فنحن
بالتبادر نثبت- بطريق الإنّ- الظهور الذاتي، و بالظهور الذاتي نثبت الظهور
الموضوعي في عصر السماع.
و
يبقى علينا ان نثبت انّ الظهور الموضوعي في عصر السماع مطابق للظهور الموضوعي في
عصر الكلام الذي هو موضوع الحجّية، و هذا ما نثبته بأصل عقلائي يطلق عليه اصالة
عدم النقل، و قد نسمّيه باصالة الثبات في اللغة، و هذا الاصل العقلائي يقوم على
أساس ما يخيّل لأبناء العرف- نتيجة للتجارب الشخصية- من استقرار اللغة و ثباتها،
فان الثبات النسبي و التطور البطيء للّغة، يوحي للافراد الاعتياديين بفكرة عدم
تغيّرها و تطابق ظواهرها على مرّ الزمن، و هذا الايحاء و ان كان خادعا، و لكنه على
أي حال ايحاء عام استقر بموجبه البناء العقلائي على الغاء احتمال التغيير في
الظهور باعتباره حالة استثنائية نادرة تنفى بالأصل، و بامضاء الشارع للبناء
المذكور نثبت شرعية اصالة عدم النقل، أو