اسم الکتاب : دروس تمهيدية في تفسير آيات الأحكام المؤلف : الإيرواني، الشيخ محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 206
وجوب السعي
بل نقصد انه لو دلّ دليل على وجوب السعي بينهما لم يكن ذلك معارضا لظاهر الآية
الكريمة. و قد قام الدليل على ذلك و هو سيرة المسلمين القطعية على الإتيان به بقصد
الوجوب، و هذه السيرة لا بدّ و ان تكون قد وصلت من النبي صلّى اللّه عليه و آله
يدا بيد.
هذا
مضافا إلى دلالة بعض الروايات على ذلك، فقد ورد في صحيحة زرارة و محمد بن مسلم عن
أبي عبد اللّه عليه السّلام: «... أو ليس قال اللّه عز و جل: إِنَّ
الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ
اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما، ألا ترون
ان الطواف بهما واجب مفروض لان اللّه عز و جل قد ذكره في كتابه و صنعه نبيه»[1].
و
بالجملة: الآية الكريمة هي من آيات الأحكام باعتبار دلالتها على عدم حرمة السعي
بين الصفا و المروة في الحج و العمرة.
و
أمّا فقرة وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ
فهي لو لا المانع الخارجي لدلّت على رجحان السعي زيادة على المقدار الواجب و لكن
لأجل شهرة عدم استحباب السعي في نفسه- على خلاف الطواف فانه مستحب في نفسه- فمن
المناسب ان يكون المقصود: و من تطوّع بالحج و العمرة زيادة على الواجب فاللّه
سبحانه يشكره و هو عليم بذلك.
و
يحتمل ان يكون المقصود: و من تطوّع خيرا بالانصياع للتكاليف الإلهية التي منها نفي
الجناح عن السعي و أتى بالسعي امتثالا لأمره سبحانه فان اللّه شاكر عليم.
ثم
ان الوارد في الآية الكريمة التعبير ب «يطوّف» بالتشديد دون التخفيف، و لا يبعد ان
يكون ذلك من جهة ان المطلوب السعي المتكرر، أي سبعة أشواط
[1] وسائل الشيعة 9: 512، الباب 1 من أبواب السعي،
الحديث 7.
اسم الکتاب : دروس تمهيدية في تفسير آيات الأحكام المؤلف : الإيرواني، الشيخ محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 206