اسم الکتاب : هدى المتقين الي شريعة سيد المرسلين المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ هادي الجزء : 1 صفحة : 50
الجميع مصدره استشعار تقصير أو توهم ذنب و بهذه الأمور اعني
حضور القلب و الفهم و التعظيم و الهيبة و الرجاء و الحياء يحصل الإقبال و الخشوع و
السكينة و الخضوع و يكون العبد مقيماً للصلاة و لا يكون من الغافلين و بيان حقيقة
هذه الأمور و أسباب تحصيلها و ما هو النافع من علاج فاقدها مذكور في كتب علمائنا
رضوان الله عليهم و اكثر أهل زماننا المتسمين بالعلم فضلًا عن غيرهم في غفلة عنها
و عن مراجعتها و مدارستها و مشتغلون في اغلب أحوالهم بما لا يجدي نفعاً و هم
يحسبون أنهم يحسنون صنعا نسأل الله أن يوفقنا و إياهم لما هو خير و أبقى و الحاصل
أنه ينبغي الجد في تحصيل إقبال القلب على العبادة فانه من أهم الأمور و لعل السبب
في كراهة جملة من مكروهات المكان و الأفعال كما يشعر به جملة من الأخبار إنها تشغل
الفكر و تفرق الحواس فتنافي الإقبال على الصلاة و التوجه لها بل لا يبعد مرجوحية
الصلاة في بعض الأماكن الشريفة التي يكثر فيها اللغط و يعلو بها الضجيج و يتزاحم
فيها الرجال و النساء حيث لا يضر بالمارة و إلا جاء الخطر من جهتين و ما ذاك إلا
لمنافاته للإقبال على الصلاة و الخشوع فيها و الإخبات اللهم إلا لمن لا تشغله
الأشغال عن التوجه و الإقبال و قليل ما هم و اقل مراتب الحضور و الإقبال أن يصرف
نفسه و فكره عن الحديث بأمور الدنيا و يتصوّر وقوفه بين يدي مولاه و حديث النفس
بأمور الدنيا له سببان سبب ظاهري و سبب باطني، أما الأول فيحصل من النظر إلى ما
يراه من شواغل الحواس و من سماع ما يسمعه من الكلام و الأصوات و علاج هذا الأمر
سهل واضح.
و أما الثاني فمنشؤه غلبة حب الدنيا و الإقبال عليها و شدة ميل النفس
إليها بحيث كلما صرفها عنها رجعت و انصرفت إلى معشوقها و محبوبها و دواء هذه الداء
و علاجه صعب يحتاج إلى الجهاد الأكبر و هو جهاد النفس و إلى الفكر و التأمل في
أحوال الدنيا و زوالها و تبعات أموالها و وبالها و غير ذلك فعلى المصلي أن يصرف
نفسه عن الاشتغال بغير ما هو فيه مهما استطاع فانه يرجى ان يكون من المقبولين إن
شاء الله و لما كانت الصلاة ميزان الأعمال و عمود الدين و هي مناط قبول سائر
اسم الکتاب : هدى المتقين الي شريعة سيد المرسلين المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ هادي الجزء : 1 صفحة : 50