responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات و تأملات المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ علي (ابن محمد رضا)    الجزء : 1  صفحة : 4

نعم لا ينكر أن بعض الأحكام الدينية لم يعها البدوي لا سيما ما يخص المرأة ولكي ليس معنى ذلك هو وجود الخلل في عقيدته.

و أما الآية الكريمة التي اتخذها المؤلف شاهداً لدعواه فالمراد منها إن إحداث العقيدة في نفس البدوي أو تبديلها بعقيدة أخرى من الأمور الصعبة وذلك لما قدّمناه من تمركز العقيدة الأولية فيه لا إن العقيدة بعدمها يعيها لا تكون راسخة فيه فالإسلام إنما كان يقاسي صعوبة في تفهيم العقيدة الإسلامية للبدوي لا انه بعدما وعاها تكون لفظية ولقلقة لسانية.

ثم إن ما ذكره المصنف هنا يجده المتأمل مناقضاً لما سيجي‌ء منه ص 23 قوله (ومما لا شك أن ازدهار الدولة الإسلامية في أوائل عهدها يرجع بعض أسبابه إلى تلك القوى الكامنة في البدو الذين هم كما قال عمر بن الخطاب اصل العرب ومادة الإسلام) وليت شعري كيف يحي الإسلام القوى الكامنة في نفوس غير مقتنعة وكيف تكون مادة الإسلام في مبدأ ظهوره ممن يكتمون خلافه وينافقون فيه.

السلطة في البدو

قوله ص 20 (ويخضعون البدو لسلطة الشيخ وحده وهو اكبر رجال العشيرة سناً) أهم عامل في الزعامة البدوية هو الوارثة وليس للكبر أي دخل فيها فقد يتزعم الأسرة ولد الرئيس وهو اصغرهم سناً ويشهد لذلك كتب التاريخ التي تاولت هذا الموضوع ككتاب القبائل العراقية.

ومن نظر إلى رؤساء القبائل البدوية في العصر الحاضر كشمر، وآل الضفير وعنزة وجد إنهم ناولا هذه المكانة بالوراثة مع وجود الكبر في السن بل و العقل في غيرهم من أبناء أسرتهم.

نعم قد تحدث مؤهلات لغير سلالة الرئيس فتصبح له الزعامة ولم يكن لكبره في السن أي مساس فيما ناله من المنزلة.

جزاء الدم في عرف الصحراء

قوله ص 210 (فالدم في عرف الصحراء لا يعوض عنه إلا بالدم ولا جزاء لمهرقه غير القتل) قد يعوض الدم بأداء الدية ولا زالت حتى الآن موجودة بينهم، و الودي لكل قبيلة مقدار مقرر نعم بعض القبائل تقرر أن لا عوض لخصوص زعمائهم إلا الدم، وقد يسقط كرامة لجماعة ترسلهم قبيلة القاتل لأولياء المقتول في إسقاط الدم عن القاتل وتسمى هذه الجماعة في عرفهم ب-- (المشية).

النظام القبلي في الإسلام‌

قوله ص 21 (وقد استغل الإسلام هذا النظام القبلي في الفتوحات المتعددة) الذي يفهم من هذا التعبير ان الإسلام قد شرع هذا النظام وجعله من أحكامه وقوانينه، مع إن الإسلام حاربه اشد المحاربة فقد صدع الوحي الإلهي في القرآن الكريم بأخوة المؤمنين بقوله تعالى:" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" و أكد ذلك النبي (ص) بقوله: (الناس سواسية كأسنان المشط) ثم ان المؤلف ناقض حكمه هنا بما قاله ص 41 وهكذا قضى الإسلام دفعة واحدة على رابطة العصبية القوية في الجزيرة و استعاض عنها برابطة جديدة وهي رابطة الإيمان، و أيضاً ناقض ما ذكره في ص 54 بقوله: و الحق إن الإسلام قد وفق اكثر من أديان العالم جميعاً إلى القضاء على فوارق الجنس و اللون و القومية وخاصة بين أبنائه.

حرية المرأة البدوية

ومنها قوله ص 22 (و أما المرأة البدوية سواءً كانت إسلامية أم جاهلية فقد كان لها نصيب وافر من الحرية تحسدها عليها أختها المتحضرة).

ليس للمرأة البدوية أي حرية بل هي طوع رغبات ولي البيت حتى في أهم شؤونها الحيوية وهو الزواج، وليس الوأد في الجاهلية إلا هو شأن من شؤون الضغط على المرأة، و الديانة الإسلامية مع احترامها للمرأة و إعطائها الحرية الصالحة لها فالمسلمون من البدو لم يرضخوا لقوانينها التي تخص المرأة رغم ما عرفته من شدة تمسك البدو بها وما ذاك إلا لشدة محافظتهم على الأنساب وكثرة احتياطهم في الأعراض وفي المثل عندهم (النار ولا العار).

الحرب عند العرب قبل الإسلام‌

ومنها قوله ص 46 (ولم يكن العرب قبل الإسلام أهل حرب وشدة).

كان على المؤلف أن يعين الزمن الذي لم يكن العرب فيه كذلك و إلا فقبل الإسلام كانت الحرب بينهم قائمة على قدم وساق تضرمها البقلة الخضراء وتثيريها البقرة الصفراء وقد افتخر شاعرهم بقوله وما مات منا سيد حتف انفه. وندب آخر نفسه بقوله:

أصبحت لا احمل السلاح ولا

أملك رأس البعير إن نفرا

و أعاب ثالث على غيره حيث قال: يقطرن ولم يقل يجرين في قوله:

لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى‌

وأسيافنا يقطرن من نجدة دما

وما كان مصدراً للروعة و الجلال في شعرهم الحماسي إلا شدة بأسهم وكثرة حروبهم.

الإسلام دين الاستسلام‌

ومنها قوله ص 27 (الإسلام دين الاستسلام لمشيئة الله و إرادته).

إن مؤدى هذه العبارة ومفهوم كلمة الاستسلام هو أن الإسلام يقضي بأنظمته على معتنقه أن يبقى مكتوف اليد أمام شؤونه الحيوية ولا يقدم رجلا ولا يؤخر أخرى تجاه الحوادث الزمنية فلا يدبر لعمله أمراً ولا يعمل لتدبيره فكراً بل يجعل ذلك كله رهن قوى غريبة غير مشاهدة، لها التصرف المطلق بالأعمال و السلطة التامة على الأفعال و الإسلام بري‌ء من ذلك براءة الذئب من دم يوسف فقد حرض الإنسان على السعي فقال: أنْ ليس للإنسان إلا ما سعى و أمر بالعمل فقال اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، ولو أبدل المؤلف أو الكاتب كلمة الاستسلام بكلمة الاعتماد على الله لكان الإسلام ألصق للواقع و اقرب، فإن الاعتماد على القوى الغيبية في الأعمال ليس إلا عبارة عن الاعتماد على النفس وعدم الاتكال على من سواها من البشر وهو من اعظم طرق النجاح في الحياة و أوصلها للمقاصد و الغايات وقد نشرنا في هذا الموضوع عدة مقالات.

معنى الجاهلية

ومنها قوله ص 28 (فالجاهلية إذن هي العصر الذي لم يكن فيه نبي أو كتاب منزل).

لا وجه لهذا التعبير فإنه لم يكن العصر الذي قبل الإسلام خال من هذين الأمرين فإن الإنجيل كان موجوداً في ذلك الوقت عند نصارى نجران وغيرهم و الذي يقوى في نظري أن التسمية بالجاهلية مقصورة على خصوص العصور العربية المقاربة للإسلام وهي تسمية

اسم الکتاب : نظرات و تأملات المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ علي (ابن محمد رضا)    الجزء : 1  صفحة : 4
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست