و التحقيق في جوابه أن يقال أنه لما كان المعتبر في النقض و البقاء
في الأستصحاب هو نظر العرف و قد عرفت أن العرف يرى القيود المأخوذة في موضوع
التكليف و يرى الزمان المأخوذ فيه من حالات التكليف و ظروفه و غير منوعة له و
مقسمة له و إن بقاء التكليف و موجوديته به لا بقيوده و إنعدام التكليف بعدمه لا
بعدم قيوده و إن التكليف ينتقض لو رفع عنه فاذا كان العرف يرى ذلك كانت أدلة
الاستصحاب تشمل وجود التكليف عندما يشك في وجوده بواسطة زوال الحالة أو الزمان
الذي قيده الشارع به أو قيد موضوعه به و يرى العرف عند زوال ذلك يكون رفع اليد عن
الحكم الشرعي نقضا له و حينئذ فلا مجال لاستصحاب العدم الازلي للتكليف عند زوال
القيد لأن العرف يرى أن التكليف باق عند زوال القيد لبقاء موضوعه عنده حتى بعد
زوال القيد فالعدم الازلي عند العرف قد زال عن التكليف حتى حال الشك في نفس
التكليف. ففي المثال العرف يرى أن وجوب الجمعة موجود عند الغيبة و ان عدمه قد زال
و إن البناء على عدمه نقض للحالة السابقة و البناء على وجوده ابقاء للحالة السابقة
فعلى المكلف الشاك أن يبقي الحكم السابق و لا ينقضه، و اذا كان الامر كذلك فلا
يعقل أن يرى العرف عدم الوجوب الازلي موجودا حال الغيبة حتى يستصحبه الشاك فيه لما
عرفت من أن العرف لا يرى القيود منوّعة للموضوع و مقسمة له حتى يستصحب هذا العدم
للتكليف المقيد فانه العرف نظر واحد لا نظرين.
نعم العدم الازلي انما يستصحب التكليف اذا كان العرف يرى أن وجود
التكليف حال الشك وجودا مستقلا لا إنه يقاء للوجوب