اسم الکتاب : شرح العروة الوثقي المؤلف : كاشف الغطاء، علي الجزء : 1 صفحة : 18
المسألة الثالثة و العشرون: العدالة عبارة
عن ملكة[1] اتيان
الواجبات و ترك المحرمات
و تعرف بحسن الظاهر الكاشف عنها علماً او ظناً و تثبت بشهادة
العدلين[2] و
بالشياع المفيد للعلم. ظاهراً انها عبارة عن الملكة المجردة
دون الملازمة للترك و الفعل المزبورين و شيخنا الأكبر في رسالته منع عن كون القول
بانها مجرد الملكة من اقوال المسألة بل ارجعه إلى اعتبار العمل و الملكة جمعاً
قائلًا انهم متفقون على انها تزول بارتكاب الكبيرة و يحدث الفسق الذي هو ضدها و
حينئذ فأما ان تبقى الملكة او تزول فإن بقيت ثبت اعتبار الاجتناب الفعلي في
العدالة و ان زالت ثبت ملازمة الملكة للاجتناب الفعلي و يؤيده انهم فسروها بالملكة
الباعثة على ملازمة التقوى و ظاهرة الملازمة الفعلية فمع الانفكاك تزول الخصوصية
المعتبر في الملكة المفسرة بها العدالة و على هذا لو عبر المصنف بما في كلامهم من
توصيف الملكة بالملازمة كان اولى، هذا مضافاً إلى عدم مساعدة الدليل على كونها
عبارة عن نفس الملكة كما سيأتي و احتمال ان الملكة ملازمة لاجتناب الخارجي فلا
يحتاج إلى التوصيف ضعيف جداً و لعل مراد المصنف ايضاً الملكة الملازمة و انما ترك
التوصيف مسامحة و هو ايضاً بعيد مع انه عبر بنفس هذه العبارة في تفسير العدالة
فيما سيأتي من مسائل الجماعة و لعل مختارة كونها عبارة عن نفس الملكة المجردة عن
القيد و حينئذ فلا كلام لنا معه الا في المدرك، و على أي حال فليست هي نفس
الاجتناب عن المحرمات و اتيان الواجبات من غير اعتبار كونها عن ملكة كما هو القول
الآخر و لا نفس عدم ظهور الفسق او ظهور الإسلام كما قد ينسب إلى بعض و ان كان في
غير محله و كيف كان فمدرك الأقوال المزبورة صحيحة ابن ابي يعفور بعد ان سأل بم
تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم و عليهم قال" عليه
السلام" بان يعرفوه بالستر و العفاف و كف البطن و الفرج و اليد و اللسان و
تعرف باجتناب الكبائر التي اوعد اللّه عليها النار، فان الستر و العفاف بل و كف
البطن ليس عبارة عن مجرد افعال و تروك بل هي مع الصفة النفسانية و الحالة الروحية
فلا تكون طريقاً إلى العدالة سواء جعلت العدالة عبارة عن الأمرين او احدهما إذ على
الاول هو عينه و على الأخيرين يكون الذكور العدالة و زيادة فلا يمكن ان يجعل
طريقاً اليها فتعين ان تكون هذه الفقرة عين العدالة و حينئذ فان جعلنا السؤال عن
التعريف المنطقي فهو و ان جعلناه سؤالًا عن الطريق و المعرف العرفي كان بيان
حقيقتها تفضلًا من الامام للإشارة إلى ان الراوي بحقه اولًا ان يسأل عن حقيقته ثمّ
عن الطريق اليه، و يمكن ان يكون قوله و تعرف باجتناب الكبائر طريقاً إلى حقيقة
العدالة ثمّ يكون قوله و الدليل على ذلك ان يكون سائراً دليلًا على الدليل، و
النتيجة ان العدالة عبارة من الأمر النفساني الملازمة لترك القبائح و الدليل عليه
نفس ترك المعاصي و لما كان نفس ترك المعاصي صعب الاطلاع عليه جعل الطريق اليه
الستر عن القبائح العرفي و الاستحياء من الناس و ربما قيل بان السؤال عن الطريق
كما هو الظاهر منه و الجواب ايضاً عن الطريق فيجعل الستر و العفاف" قدس
سره" عبارة عن مجرد الملكة و من جعل الملكة طريقاً يستكشف ان العدالة عبارة
عن نفس الاجتناب كل ذلك محافظة على ظاهر السؤال من حيث كونها ظاهرة في السؤال عن
[1] بل عبارة عن الاستقامة في جادة الشرع و عدم
الانحراف عنها يميناً و شمالًا
[2] تقدم انه لا يبعد ثبوتها بشهادة عدل واحد بل
بمطلق الثقة و ان لم يكن عدلًا
اسم الکتاب : شرح العروة الوثقي المؤلف : كاشف الغطاء، علي الجزء : 1 صفحة : 18