و صلة الأرحام و التختم بالعقيق و لباس
الأبيض و التحنك فإنها تصح و يثاب عليها من دون نية على الأظهر كما يظهر ذلك من
كثير الأخبار و جملة من كلام الأخيار.
و ثانياً قد عدّوا الضمني و المعاطاة من العقود و المعاملات سواء
كانت في البيوع و الاجارات أو نحوهما مع انها ليست فيها صيغة و لا عقد نعم لو
فسرناها بما اشتمل على رضى الطرفين كانت منها أو قلنا ان الانشاء فيها و القبول
يكون بالعطاء و الأخذ كما يقال في سكوت البنت في عقد النكاح قبول منها له. و
ثالثاً عدّوا العتق من الايقاعات مع انه يشترط فيه القربة. و الأولى ما ذكره جدي
كاشف الغطاء" رحمه اللّه" من انه يلاحظ قصد المصنفين فان الأمر يختلف
بحسب أنظارهم فقد يجعل المصنف في الفقه مباحث العقود أزيد من غيرها و الآخر يجعل
مباحث الأحكام اقل من غيرها و لم نر من المؤلفين من التزم بذلك على وجه الصحة. و
قد ذكر لي ان بعض المتأخرين قسم الفقه إلى أبواب سبعة.
الأول ما يتعلق بعبادة اللّه و يعتبر فيه قصد القربة كالصلاة و
الصيام و الحج و نحوها و يسمى بالعبادات.
الثاني ما يتعلق بأفعال الناس و تعاملهم و خصوماتهم و يسمى
بالمعاملات.
الثالث ما يتعلق بالأسرة من نكاح و نفقة و طلاق و نسب و نحوها و يسمى
بالأحوال الشخصية في هذا العصر و أما في السابق فيلحق بالمعاملات.
الرابع ما يتعلق بالحاكم في الرعية و الحقوق و الواجبات المتقابلة
بينهما و يسمى بالأحكام السلطانية و قد يسمى بالسياسة الشرعية.
الخامس ما يتعلق بعقاب المجرمين و يسمى بالعقوبات.
السادس ما يتعلق بعلاقة الدولة الإسلامية بالدول الأخرى في حال السلم
و الحرب و يسمى بالسِّيرَ جمع (سيرة) و يسمى بالحقوق الدولية.
السابع ما يتعلق بالأخلاق و يسمى بالآداب.
وجه تقديم بعض أبواب الفقه على بعض
ثمّ انهم بدءوا أولا بالعبادات لأنها في الأحكام الأخروية و هي أهم
من الأحكام الدنيوية بدليل ان المقصود للمشرع من خلق الجن و الانس العبادة له
تعالى ثمّ ثنوا بالمعاملات و العقود لتوقف نظام النوع الانساني عليها و تدبير
شئونه بها ثمّ ثلثوا بالايقاعات لأنه بالنسبة للمعاملات و العقود كالفروع بالنسبة
للأصول أ لا ترى ان الطلاق فرع النكاح و العتق فرع الملك الذي يرجع للابتياع و إذا
حازت هذه الأقسام الثلاثة بالسبق بالوضع فلا بد أن يؤخر مبحث القسم الرابع و هو
الأحكام و السياسات عنها.
و لأنها إما أحكام مرتبطة بالاموات كالفرائض و الموت مرتبة متأخرة عن
الحياة طبعا أو أحكام للجناة كالديات و القصاص و الحدود و الجناية توجب تأخر
المجني ضِعَةً و منزلة أو إنها لازمة للعقود و الايقاعات معا كالقضاء و الشهادات و
اللازم متأخر عن الملزوم طبعا فأخروا ذلك وضعاً ليطابق الوضع الطبع. ثمّ في
العبادات قدموا الصلاة لأنها أفضلها و اكثر تكراراً من غيرها من العبادات و قدموا
الطهارة لكونها شرطا فيها و الشرط مقدم على