(ان مطلب ما) على ثلاثة أقسام لأن (ما) قد يطلب بها شرح الاسم و بيان
مدلول لفظه و تسمى بما اللفظية فيقع في جوابها مفهوم الاسم و معناه و هو قد يكون
الموضوع له اللفظ و قد يكون المستعمل فيه فعبروا عن كل مفهوم للفظ و مدلوله بمطلب
ما اللفظية و قد يطلب ب (ما) تمييز ماهية مفهوم اللفظ و حقيقة مدلوله و يقع في
جوابها أما الحد التام أو الناقص أو الرسم التام أو الناقص و تسمى ما الاسمية و
عبّروا عن كل حد تام أو ناقص أو رسم تام أو ناقص، بمطلب (ما) الاسمية أو الماهوية
إذا كان ذلك قبل العلم بوجود مدلول اللفظ و أما بعد العلم بوجوده فإذا طلب (بما)
تمييز ماهيته فتسمى (ما) الحقيقية و ما يقع في جوابها يسمى مطلب ما الحقيقة و
عبّروا عن كل حد و رسم تام أو ناقص للشيء المفروض الوجود بمطلب (ما) الحقيقية و
ذلك لأن الماهية لا تسمى بالحقيقة إلا بعد وجودها. و من هنا ظهر للأوجه ما هو
المعروف عندهم ان التعاريف المثبتة في أوائل العلوم المدوّنة للأشياء قبل إثبات
وجودها حدود اسمية و بعد وجودها حدود حقيقية. و كيف كان فهذه الأقسام الثلاثة تسمى
(ما) بما الشارحة و مطلبها بمطلب (ما) الشارحة. فعلم الفقه المفهوم منه عند إطلاقه
و يستعملونه فيه علماء الفقه يكون مطلب ما اللفظية. و تعريفه مع قطع النظر عن
وجوده يسمى بمطلب ما الاسمية و تعريفه بعد فرض وجوده و تدوينه يسمى بمطلب ما
الحقيقة و الجميع يقال له مطلب ما الشارحة.
مطلب هل
(أن مطلب هل) على قسمين لأن هل قد يطلب بها الجزم بوجود الشيء في حد
ذاته و تسمى بهل البسيطة لأن المطلوب بها الوجود البسيط و عبّروا عن ثبوت الوجود
البسيط للماهية بمطلب هل البسيطة و قد يعبّرون عنه بمفاد (كان) التامة كما يعبّرون
عن عدم الشيء في حد ذاته بمفاد (ليس) التامة و قد يطلب بهل ثبوت وجود شيء لشيء
آخر كما يقال هل القمر منخسف فيطلب ثبوت وجود الانخساف للقمر و تسمى بهل المركبة و
ما يقع في جوابها يسمى بمطلب هل المركبة لأنه هو الذي يطلب بها. و عبّروا عن ثبوت
كل صفة لموصوفها و كل عرض لمعروضه بمطلب هل المركبة و قد يعبّرون عنه بمفاد كان
الناقصة كما يعبّرون عن عدم شيء لشيء كعدم الحركة للجماد بمفاد (ليس الناقصة)
فعلم الفقه ثبوت اصل وجوده و تحققه و انه موجود.
يكون مطلب هل البسيطة و لعل إثبات وجود موضوع العلم يكون فيه نحو من
الاثبات لوجود العلم فيكون فيه مطلب هل البسيطة و أما ثبوت انه مقدم على غيره من
العلوم أو شرفه فهو مطلب هل المركبة و منه إثبات الغاية له.
مطلب لم
(أن مطلب لِم) فهو أيضاً على قسمين لأن (لِم) قد يطلب بها علة ثبوت
الوجود للشيء في الأعيان أو ثبوت صفة له فيها فيقع في جوابها ما هو العلة لذلك و
يسمى بالواسطة في الثبوت و قد طلب بها علة التصديق و الاعتقاد بذلك فيقع في جوابها
الحد الأوسط و يسمى بالواسطة في الاثبات كقولنا لِم كان العالم حادثا فيقال لكونه
ممكنناً و كل ممكن حادث فالعالم حادث فيعبرون عن كل ما كان علة لتحقق الحكم أو علة
لمعرفته بمطلب (لِم) و لعل منه طلب العلة الغائية و ان كان لم أر أحد تعرض لذلك
لأنها أيضاً علة لتحقق فعلم الفقه يكون البحث عن المدوّن له و المؤسس له بل البحث
عن غايته بحثا عن مطلب (لِم) و بحثا عن الواسطة