responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المثل العليا في الإسلام المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 34

دخول الإنكليز في العراق‌

دخل الإنكليز العراق وطرد الأتراك بمساعدة أهل العراق رغبة فيما يظنون من عدله وانصافه ومعونته واسعافه فلما رأوا غطرسته وجبروته، وكان الاعتساف بدل الاسعاف، والاجحاف عوض الانصاف وكان فيهم (أي العراقيين) كما ذكرنا بقية شرف وشمم، وعزة وكرامة، ونبل وشهامة، وصلابة عود، وقوة إيمان، تأبى ان تحمل الضيم، وتخضع للظالم، فثاروا عليه وانتفضوا عليه غير مرة كسروا بها شوكته، وأذلوا عزته، فأخذ على عادته وقاعدته من اللف والدوران، فضربهم الضربة الفانية، ولطمهم اللطمة القاسية وأعطاهم الحكم المغلف، والاستقلال المزيف، وهو كما هو معلوم تجاري رأسمالي، قبل كل شي‌ء، فرأى انه لا يقدر ان يسلب من العراق ثروته حتى يستلب عقيدته، ولا ينتزع أمواله وإمكانياته حتى ينتزع صلابته وإيمانه، ويميت شعوره ووجدانه.

رأى أنه لا ستولي على العراق تماماً الا بفساد الأخلاق، والعرق بلطافة طبعه. وخفة روحه، سريع الاستجابة الى الشهوة العارمة، والنزوة الراغمة.

وكان أكبر هم المستعمر جلب المغريات، وإثارة الشهوات فتم له ما أراد، ووصل الى بغيته ممن أقرب الطرق وأسهلها فاستلب بجيش الشهوة، كل ثروة، وهدَّ جميع قوى العراق بلا كفاح ولا قوة. وسرت هذه الروح الخبيثة، روح الفساد، فساد الأخلاق والاستهتار والخلاعة. وموت الشعور والوجدان، وضياع المقاييس وهتك النوامييس، الى جميع الطبقات. الحاكمين والمحكومين والرعاة والرعية.

حضر عندي في العهد القريب رجل من المحافظين على اتزانه وإيمانه وصار يشكو من سوء الوضع وتردي الأحوال، وتلاعب الموظفين والارتشاء العلني، فأردت تسكين لوعته وتهدئة فورته، نوعا ما. فقلت له: أنتم تريدون حكومة من الملائكة، او من المعصومين، وهذا لا يكون والحاكم بشر يصيب مرة ويخطئ أخرى ويجور طوراً. يعدل أطور.

وعندكم في صحيح البخاري عن النبي (ص) ما مضمونه: اذا تولى عليكم عبد

اسم الکتاب : المثل العليا في الإسلام المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست