responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكلم الطيب المؤلف : كاشف الغطاء، علي    الجزء : 1  صفحة : 9

دعاء الامام زين العابدين‌

(ع)

في ليلة القدر المباركة

يا باطناً في ظهوره، ويا ظاهراً في بطونه، يا باطنا ليس يخفى، يا ظاهراً ليس يرى، يا موصوفاً لا يبلغ بكينونته موصوف، ولا حد محدود، يا غائباً غير مفقود، يا شاهداً غير مشهودٍ، يطلب فيصاب ولم تخلُ منه السماوات والأرض وما بينهما طرفة عين، لا يدرك بكيف، ولا يأين بأين ولا بحيث، أنت نورُ النور وربُ الأربابِ أحطتَ بجميعِ الأمورِ، سبحان من ليس كمثلهِ شي‌ء وهو السميع البصير، سبحان من هو هكذا، ولا هكذا غيره.

كرامة ليلة القدر

رحماك اللهم رحماك تقدست ذاتك وجلت آلائك وعظمت صفاتك.

لا ريب أن ليلة لها هذا المقام الكريم وهذا التقدير الجسيم من رب العالمين، تكون من أعظم الليالي في إستجابة الدعاء إذا ما توجه فيها لخالقه ومصوره، متبتلًا خاشعاً يرجو عفو ربه ورضاه. فقد ورد في الحديث المشتمل على أسرار المعارف وغوامض العلوم عظم خطرها وجلالة منزلتها من بين ليالي الزمان، فقد أخفاها الله جل جلاله، لكي يجتهد الناس في العبادة في ليالي شهر رمضان طمعاً في إدراكها كما أخفى الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس، وأخفى أسمه الأعظم في الأسماء ليرغبوا في ذكر جميعها، وقد صور لنا الله تعالى جلالة قدرها وعلو منزلتها بقوله تعالى [وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ].

إشعارا بالنشوة إلى خيرها وسلامتها من المكاره حتى مطلعها، حيث يعيش المؤمن في حظيرة قدس الله ومن أهل ضيافته المكرمين بهبوط الملائكة المقربين حيث قال: [تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا] وعز من قائل هذه بشارة بالخير ثم تردفها البشرى بالسلامة وهي أسمى أماني النفس بقوله تعالى: [سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ].

فما احرانا أن نشمر عن ساعدي الجد لنيل مغانم وبركات هذه الليلة التي حفت بنزول الملائكة والروح الأمين، لنحيى حياة الإسلام العظيم الذي يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين بالآجر العظيم والثواب الجزيل، وأن نوحّد صفوفنا لما فيه خير أمتنا وسعادة ناشئتنا وطمأنين وطننا.

كلمة في فلسفة تشريع الزكاة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المخلوقين محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه البررة وبعد:

فلا ريب في وجوب الزكاة شرعاً، بل وجوبها من ضروريات الشريعة المحمدية وإحدى الدعائم الخمس للديانة الإسلامية، وقد قرنها الله بالصلاة في كتابه العزيز (اثنين وثلاثين آية). وهذا ما يدل على شدة طلبها وتأكيد وجوبها، ولو عملت بها الحكومات الإسلامية ونفذتها السلطات على الوجه الصحيح الأكمل لسدت حاجات الفقراء والمساكين، وقلت بها الشرور، وخفّت وطأة السجون وتقلصت أفكار الهدامة التي ترمي إلى زعزعة الأمن والأمان وتقضي على السكينة والأطمئنان، فإن الفقر على ما ذكره علماء الاجتماع يدفع أصحابه نحو صنوف الجرائم وتروج في آفاقه متطرفات المذاهب، وفي الأثر (كاد الفقر يكون كفرا) ولا زال يعقب مواطنه نتائجاً وخيمة وآثاراً وبيلة كان مثالها فناء النفوس واراقة الدماء والفتن الصماء والملمات الخرساء. الّا إن القوانين والأنظمة الأجتماعية المالي التي جاءت بها المدنية الحديثة وتنشدها الناشئة الجديدة هي مشتقة من نظام الزكاة في الأسلام ومستقاة منه، وإن كانت لا تحمل أسم الزكاة ولا تجني الثمرات الطيبة الناتجة منها، كما إنها في عقيدتي أحسن حل للمعركة الدائرة بين الغنى والفقر التي طالما يتجاوز فيها أحد الفريقين حدوده الأدبية والطرف الآخر حقوقه الإنسانية، وكيف لا يخمد تشريع الزكاة لهب هذهٍ الحرب الضروس، وبها تجعل للغني على الفقير يد الطول والإحسان، وتخلق في الفقير نحو الغني نفسية الشكر والامتنان، وعند ذا يتبادل بينها لطائف العطف وروائع الحنان، ويصبحان في جو مشبع بروح التعاون والاخوة هذا يرعى ذاك بفضل برّه، وذاك يرعى هذا على جميل صنعه وطيب معروفه فيتبدل الموقف إلى أحسنه وأطيبه، فبينما الفقير يتلمظ للوثبة على الغني وإذا به يرجو الخير له ويدعو الله أن يوسع عليه. ويتخذ السبيل لحسن الثناء عنه، ويصبح لسان صدق للآخرين. فهذا هو الحل العادل لتلك الخصومة التي اختص بها الإسلام دون ما عداه من الشرائع، لا ما يغري لبعض المبادئ من المساواة في الحقوق بعد الإلزام بالعمل به، فيصبح الإنسان محروماً من أهم حقوقه الطبيعية وشؤونه الفطرية وهي الحرية في العمل والملكية لنفسه في الحل والمرتحل فيكون بمنزلة الآلة الصماء في يد عاملها والبهيمة الخرساء في قبضة سائقها.

اسم الکتاب : الكلم الطيب المؤلف : كاشف الغطاء، علي    الجزء : 1  صفحة : 9
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست