فرض بقاء النهي في المرتبة المتقدمة على
الجهل فسقط بثبوته الأمر في تلك المرتبة المتقدمة فكيف يبقى في المرتبة المتأخرة.
لأنا نقول إذا فرضنا ان المتصرف في دليل الأمر هو النهي الفعلي المنجز فيختص تصرفه
بمورد ثبوته ولا ريب ان النهي غير ثابت بنحو التنجيز للجاهل به حكماً أو موضوعاً
فيبقى الأمر على حاله من المنجزية كما في حال الاضطرار إلى المنهي عنه فإن النهي
يوجد مع عدمه وينعدم مع وجوده، ولكن الأستاذ الأعظم الشيخ كاظم الشيرازي عبر في
الجواب (بأن النهي غير ثابت للجاهل به فيخرج الجاهل به حكما أو موضوعاً عند دليله
ويبقى داخلًا تحت إطلاق الأمر ولا محذور) ولكن هذا التعبير يلائم قول المصوبة
القائلين بعدم اشتراك الجاهل مع العالم في الحكم إلّا إذا فسرنا كلامه بما يرجع
لما ذكرناه. قال الأستاذ: (وعليه يبتني صحة عبادة الجاهل المقصر موضوعا أو حكماً).
فإن قلنا ببقاء النهي بالنسبة إليه لم يصح ان يقع العمل منه عبادياً لعدم الأمر.
وإن قلنا بعدمه فلا مانع من الصحة إذ لا مبغوضية لعدم تحقق العصيان منه بتركه
للتعلم. كما يمكن ان يبتني على ذلك صحة عمل الناس عن التقصير موضوعا أو حكما.
الوجه الثاني: لفتوى المشهور بصحة الصلاة
عند الجهل بالغصب هو بناءهم على إجزاء الأمر الظاهري عن الواقعي وإن كان على خلاف القاعدة
إلّا أنه لا مانع منه مع قيام الدليل عليه ويكفي دليلًا ما دل على صحة الصلاة في
الساتر المباح ظاهراً كقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) في وصيته لكميل قال:
(أنظر يا كميل فيما تصلي فيه وعلى ما تصلي ان لم يكن من وجهه وحله فلا قبول)[1] فإن ظاهره ان مجرد كون ما يصلي فيه
من حل كاف في الصحة.
الوجه الثالث: أنه حتى لو التزم أحد
بالصحة حتى في مورد عدم الأمر الظاهري كالجاهل المقصر فيمكن ان يكون الوجه عنده هو
عموم (لا تعاد) بناءاً على جريانها في مثل المورد.
[1] بحار الأنوار/ 80/ 284/ باب 15 مواعظ أمير
المؤمنين.