هذا الزاد المعد للحسين بن علي (ع) فاجبته الى ما سألني فدنوت واكلت معهم وانا متفكر فيما يصنعه (الراجة) للحسين (ع) بما انه ليس ممن يعترف بامامة الحسين وابيه ونبوة جده محمد بن عبد الله، فاجرى ذلك كرامة لهم وتنويهاً لأسمائهم.

ثم قال صاحب الرحلة، وأما ما يجريه الملك المشار اليه في ايام العشرة الأولى من المحرم من أداء الأحترامات والفائقة للحسين بن علي (ع) فهي كثيرة، فمنها انه يصنع شبيه الضريح الحسيني من العود والصندل ويسدل عليه ستائر الديباج والحرير ويؤتي به الى الحسينية المذكورة ويأمر باقامة (حرسيين) الى جانبيه (وحرسيين) آخرين على الباب، ويزوره بكرةً وعشية على المحو الذي سنذكره.

حاسراً عن راسه تاج الملوكية حافي القدمين مطأطئ الرأس تعلوه الكأبة و الحزن فيقف عند الباب وقوف أحد رعيته على بابه عاملًا بآداب الرعية لدى ملوكها اذ ينادي الحرسيان اللذان على الباب باعلى صوتهما ثلاث مرات يا ابا عبد الله الحسين بن علي المرتضى ياسبط محمد المصطفى ان عبدك (فلان) قدم ليتشرف بضريحك المقدس أتأذن له بذلك فيجيب الحرسيان الذين في جانب الشبيه قد اذن مولانا الحسين لعبده (فلان) بالدخول.

وبعد الأذن يدخل الملك بحالة مشجية حتى يصل الى شبيه الضريح ودموعه تجري على خديه فينكب عليه ويبكي ويلعن ظالميه وقاتليه ويخرج متأدباً متقهقراً حتى يستطرق الباب.

وفي اليوم العاشر من المحرم ينقل النعش ويطلق واحد وعشرون مدفعاً ويسير الملك والوزراء والأمراء من (البراهمة)[1] وسائر الرعية خلف النعش مشكوفي الرؤوس حافي الأقدام وهم بحالة الخشوع باكين نادبين بصوت شجي وشعارهم (ياغريب ياشهيد ياحسين) والجند امامه حامل السلاح على عادة حمل السلاح حين الحزن وكان سبعة الآف نسمة وحولهم طائفة بايديهم الاعلام السود يلطمون الصدور، وعتند وصولهم الى محل قد دعوه (كربلا) يستديرون عليه ويلطمون الصدور ثم يقبرونه والمحل يبجل بالاحترام فوق ما يتصوره العقل ويدركه الذهن، ثم يرجع الملك الى الحسينية مع المشيعين وهناك يتلون المراثي وبعض‌

[1] البراهمة قوم لايجوزون على الله بعثة الرسل، ق( ص 418).