اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 223
حظ العبد من هذا الاسم: أما حظ العبد منه فاعلم أن القهار من
العباد من قهر أعداءه، و أعدى عدوه نفسه التى بين جنبيه، فإذا قهر شهوته و غضبه، و
حرصه، و وهمه، و خياله، فقد قهر أعداءه، و لم يبق لأحد سبيل عليه، إذ غاية أعدائه
أن يسعوا فى إهلاك بدنه، و ذلك إحياء لروحه؛ فإن من مات وقت الحياة الجسمانية عاش
عند الموت الجسمانى: كما قال تعالى «وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي
سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» «1».
و قال أفلاطون موتوا حتى لا تموتوا، و اتعبوا لا تتعبوا.
و أما أنه كيف السبيل إلى قصر الشهوة و الغضب، فتارة بالرياضة؛ كما
قال:
«وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا» «2» و تارة بالجذب، و هو أكمل الطريقين كما
قال عليه الصلاة و السلام: «جذبة من جذبات الحق توازى عمل الثقلين».
القول فى تفسير اسمه (الوهاب)
و فيه مسائل الأولى: معنى الهبة: قال تعالى
«إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ» «3» و
قال:
«يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ
الذُّكُورَ» «4» و قال عن زكريا عليه السلام: «هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً» «5» و عنه:
«فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا» «6».
و اعلم أن الهبة عبارة عن التمليك بغير عوض؛ و الوهاب مبالغة، إذا
عرفت هذا فنقول الهبة لا تحصل إلا من اللّه تعالى فى الحقيقة؛ و ذلك أن الهبة لها
ركنان أحدهما التمليك، و الآخر بغير عوض، أما التمليك فلا يصح من العباد لوجوه.
______________________________
(1) الآية 169 من سورة آل عمران.
(2) جزء من الآية 69 من سورة العنكبوت.
(3) جزء من الآية 8 من سورة آل عمران، 45 من ص.
(4) جزء من الآية 49 من سورة الشورى.
(5) جزء من الآية 38 من سورة آل عمران.
(6) جزء من الآية 5 من سورة مريم.
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 223