اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 222
و خامسها أنه تعالى يذل الجبابرة و الأكاسرة تارة بالأمراض، و
تارة بالنكبات، و تارة بالموت.
و سادسها: أن العقول مقهورة عن الوصول إلى كنه صمديته، و الأبصار
مقهورة عن الإحاطة بأنوار عزته.
و سابعها: أن جميع الخلق مقهورون فى مشيئته، كما قال «وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ» «1» و بالجملة فلا ترى شيئا سواه إلا كان
مقهورا تحت أعلام عزته، ذليلا فى ميادين صمديته.
رأى المشايخ فى اسمه تعالى القهار: أما المشايخ فقالوا: القاهر الّذي
قهر نفوس العابدين، فحبسها على طاعته، و القهار الّذي قهر قلوب الطالبين فآنسها
بلطف مشاهدته.
و قيل: القاهر الّذي يغلب من غالبه، و لا يعجزه من طلبه.
و قيل: القهار الّذي يطلب منك الفناء عن رسومك، و البراءة من قدرك و
علومك.
و قيل القهار الّذي طاحت عند صولته صولة المخلوقين، و بادت عند سطوته
قوى الخلائق أجمعين، قال تعالى: «لِمَنِ الْمُلْكُ
الْيَوْمَ: لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ» «2» فأين الجبابرة و الأكاسرة عند ظهور هذا الخطاب. و أين الأنبياء و
المرسلون، و الملائكة المقربون فى هذا العتاب، و أين أهل الضلال و الإلحاد، و
التوحيد و الإرشاد، و أين آدم و ذريته، و أين إبليس و شيعته، و كأنهم بادوا و
انقضوا، زهقت النفوس، و تبددت الأرواح، و تلفت الأجسام و الأشباح، و تفرقت لأوصال،
و بقى الموجود الّذي لم يزل و لا يزال.
______________________________
(1) جزء من الآية 30 من سورة الإنسان.
(2) الآية 16 من سورة غافر.
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 222