اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 221
لَهُمُ الْغالِبُونَ» «1» و القهر فى اللغة
هو الغلبة، و صرف الشيء عن طبيعته على سبيل الإلجاء، قال تعالى: «فَأَمَّا
الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ» «2» و القهار فعّال مبالغة من القاهر فيقتضى تكثير
القهر.
و اختلف العلماء، فقال بعضهم: القهر قدرة على وصف مخصوص، كما أن
الرحمة إرادة على صفة مخصوصة، و القاهر هو القادر على منع غيره أن يفعل بخلاف ما
يريده، فالقهار يكون من صفات الذات.
و قال آخرون: بل القهار هو الّذي يمنع الغير من الجرى على وفق
إرادته، و على هذا التفسير يكون من صفات الفعل.
و اعلم أن قهره تعالى على وجوه.
أولها: قال بعض المحققين: إنه قهار للعدم و الوجود و التحصيل، و ذلك
لأن الممكن لو ترك وحده لكان معدوما، فكأن ماهية الممكن تقتضى العدم، إلا أنه
سبحانه و تعالى منزه يقهر هذه الحالة، و يبدل العدم بالوجود.
و ثانيها: أن أصغر كوكب فى الفلك أضعاف جرم الأرض، ثم إن هذه الأفلاك
مع ما فيها من الكواكب يمسكها سبحانه و تعالى بقدرته، معلقة فى الهواء، كما قال
تعالى «إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ
تَزُولا» «3».
و ثالثها: أنه تعالى يمزج بين العناصر الأربعة
«4»، و هى متنافرة بطبائعها، فيكون امتزاجها بقهر الخالق.
و رابعها: أن الروح جوهر لطيف، روحانى، نورانى، و البدن جوهر كثيف
ظلمانى، و بينهما منافرة عظيمة، ثم إنه تعالى أسكن الروح فى هذا الجسد، فيكون ذلك
بقهره.
______________________________
(1) الآية 173 من سورة الصافات.
(2) الآية 9 من سورة الضحى.
(3) جزء من الآية 41 من سورة فاطر.
(4) هى عند القدماء. الماء و لهواء و النار و التراب.
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 221