اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 107
الخامس: أن الحق ذكر فى نداء المكلفين ألفاظا ثلاثة و هى قوله
يا أيها، و ذلك لأن هذه الكلمة مركبة من ألفاظ ثلاثة؛ و هى يا أى، ها، و المراتب
على ما عرفت ثلاث، فلفظة يا؛ نصيب الظالمين، و لفظة أى، نصيب المقتصدين، و لفظة
ها، نصيب السابقين، و لما عرّف نفسه قال «هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» فهو نصيب
السابقين، و اللّه نصيب المقتصدين، و أحد نصيب الظالمين.
فالحاصل أن كلامه مع المقربين ليس إلا قوله ها، و كلام المقربين نفسه
ليس إلا قوله هو، فمنه إليك قوله ها، و منك إليه قولك هو، فسبحان من احتجب عن
العقول بشدة ظهوره، و اختفى عن مقل الأرواح بكمال نوره.
القول فى تفسير قولنا (اللّه) و فيه مسائل
مسئلة لفظ اللّه من الألفاظ العربية: قال أبو زيد البلخى قولنا اللّه
ليس من الألفاظ العربية، و ذلك لأن اليهود و النصارى يقولون إلها، و العرب أخذوا
هذه اللفظة منهم، و حذفوا المدة التى كانت موجودة فى آخرها، و ذلك لأن المدة كثيرة
فى اللغة السريانية، و ميل العرب إلى التخفيف و الإيجاز، فحذفوا هذه المدة، مثل
قولهم بدل أبا أب و بدل روحا روح، و بدل نورا نور، و بدل ليلا ليل و بدل يوما يوم،
و فيما يشبه هذا اسم الملك، فان الموجود فى لغتى العبرانية و السريانية بدل ملك
مالاخا و هذه الخاء ترجع فى عامة الألفاظ المعربة المنقولة من السريانية إلى
الكاف، كما قالوا لميخائيل ميكائيل، و قالوا لصخريا زكريا، و كذلك لفظ الفردوس من
لفظ فرديسا، و اسم جهنم معربة من لفظ كهنام ...
و أما أكثر العلماء فقد اتفقوا على أن هذه اللفظة [اللّه] عربية، و
هو الصحيح، و يدل عليه وجوه:
الحجة الأولى: أن العرب و إن كانوا يعبدون الأوثان إلا أنهم كانوا
معترفين بوجود خالق العالم، و يبعد أن يقال انهم مع هذا الاعتراف ما كانوا يعرفون
له اسما فى لغتهم، حتى أخذوه عن لغة أخرى.
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 107