اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 108
الحجة الثانية قوله تعالى «وَ لَئِنْ
سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ» «1» أخبر عنهم أنهم
معترفون بأن خالق السماوات و الأرض هو اللّه، و هذا يدل على اعترافهم بهذا الاسم.
الحجة الثالثة: أن القرآن نزل بلغة العرب، فلو لم تكن هذه اللفظة
عربية مع أن القرآن مملوء منها لم يكن القرآن كله عربيا. و أما استدلالهم بأن لفظا
شبيها بهذا اللفظ موجود فى العبرانية و السريانية فبعيد، لأنه يحتمل أن يكون هذا
من باب توافق اللغات، و مع هذا الاحتمال سقط ما قاله من الاستدلال، فثبت أن هذه
اللفظة عربية.
المسألة الثانية: لا يجب أن يشتق كل اسم من آخر: اعلم أنه لا يجب فى
كل اسم أن يكون مشتقا من شيء آخر و إما لزم التسلسل و إما الدور، و هما محالان،
فلا بد من الاعتراف بوجود أسماء موضوعة، و إذا عرفت هذا فنقول:
اتفق العلماء الذين تكلموا فى معانى أسماء اللّه تعالى أن ما سوى هذه
اللفظة من أسماء اللّه تعالى فهى من باب الصفات المشتقة، أما هذه اللفظة فقد
اختلفوا فيها، قال أكثر المحققين إنها غير مشتقة، من شيء أصلا؛ بل هو اسم انفرد
الحق سبحانه به كأسماء الأعلام، و هو قول الشافعى و أبى حنيفة، و الحسين بن الفضل
البجلي، و القفال الشاشى، و أبى سليمان الخطابى، و أبى يزيد البلخى؛ و الشيخ
الغزالى، و من الأدباء أحد قولى الخليل؛ و سيبويه و المبرد، و قال جمهور المعتزلة
و كثير من الأدباء إنه من الأسماء المشتقة. و المختار عندنا هو القول الأول، و يدل
عليه وجوه.
الحجة الأولى: لو كانت هذه اللفظة مشتقة لما كان قولنا لا إله إلا
اللّه تصريحا بالتوحيد، لأنه توحيد، فوجب أن لا تكون هذه اللفظة مشتقة، بيان
الملازمة أن المفهوم من الاسم المشتق ذات موصوفة بالمشتق منه، و هذا
______________________________
(1) جزء من الآية 25 من سورة لقمان، 38 من سورة الزمر.
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 108