اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 106
الهاء، و الواو ساقط بدليل أنه يسقط عند التثنية و الجمع، فيقال
هما، هم، فالهاء حرف واحد تدل على الواحد الحق، و ليس لشيء من الأشياء هذه
الخاصية، ألا ترى أنه تعالى خلق جميع الأعضاء أزواجا، كاليدين، و الرجلين، و مدخل
الغذاء و الهواء و مخرجهما، ثم خلق القلب واحدا، لأنه محل المعرفة، و خلق اللسان
واحدا لأنه محل الذكر، و خلق الجبهة واحدة لأنها محل السجود، و كانت هذه الأعضاء
أشرف من غيرها بهذا السبب، و كذا الهاء فى قولنا هو.
الثانى: الهاء حرف حلقى، و هو أدخل الحروف الحلقية فى الحلق، و الواو
حرف يتولد عند التقاء الشفتين، فمخرج الهاء أول مخارج الحروف، و مخرج الواو آخر
مخارجها، و أيضا الهاء باطن، و الواو ظاهر، فهذان الحرفان لكونهما متولدين فى أول
المخارج و آخرها يصدق عليهما كونهما أولا و آخرا و لكون أحدهما فى داخل الحلق، و
الآخر فى ظاهر الشفة يصدق عليهما كونه ظاهرا و باطنا، فلما كان هذا الاسم دالا على
الحق سبحانه و تعالى لا جرم كان أولا آخرا ظاهرا باطنا.
الثالث: أنا و إن عرفنا أن الهاء حرف حلقى لكن مخرجه على التعيين غير
معلوم البتة، فهذا الحرف الّذي وضع لتعريف الحق سبحانه و تعالى مخرجه غير معلوم، و
كيفيته غير معلومة، فذات الحق سبحانه و تعالى أولى أن يكون منزها عن الكيفية و
الأينية.
الرابع: أن لفظة هو مركبة من حرفين؛ فكانت سببا لحصول المعرفة، و هذا
ينبهك على أنه لا سبيل إلى إثبات وحدانيته إلا بزوجية ما سواه؛ فقال فى بيان أن
غيره زوج «وَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ» و قال تعالى فى بيان كونه أحدا
«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» «1»
«وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ» «2».
______________________________
(1) الآية 1 من سورة الإخلاص.
(2) جزء من الآية 263 من سورة البقرة.
اسم الکتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 106