responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرية الحكم في الإسلام المؤلف : الأراكي، الشيخ محسن    الجزء : 1  صفحة : 459

أنّ ملاك الترجيح فيها هو الأصوبيّة، أي: الملاك النوعي، فقد يترجّح من الآراء رأي واحد وتهمل بقية الآراء؛ وإن كانت راجحة بحسب الملاك الكمّي والكثرة العددية كما يحكي القرآن الكريم عن قصّة ملكة سبأ، إذ قالت لرجال دولتها وقد اجتمعوا عندها للمشورة:

يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ\* قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَ أُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَ الْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي ما ذا تَأْمُرِينَ\* قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَ كَذلِكَ يَفْعَلُونَ\* وَ إِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ‌[1].

وكان رأيها أحصف الآراء وأقربها إلى الحكمة والتدبير، وقد جنّبت- برأيها هذا- بلادها وشعبها الحرب والذّلة والدّمار، مع أنّ المجتمعين عندها أجمعوا على خيار الحرب، فالملاك النوعي هو مقياس الترجيح في الشورى لا الملاك العددي والكمّي. وأمّا الديمقراطية فملاك الترجيح فيها ليس نوعيّاً، ولا يمكن أن يكون نوعياً- كما وضّحنا-، بل الملاك الوحيد فيها للترجيح هو المعيار الكمّي، كالأكثرية وما يشبهه.

النقطة الثالثة:

أنّ الديمقراطية تعتمد على تنافس الآراء، الذي لا ينتهي إلّا لصالح أحد الآراء المتنافسة، وإلغاء الآخر أو الآخرين إلغاءً مطلقاً، ولا يمكن للديمقراطية أن تسفر عن رأي جديد غير الآراء المتنافسة في حلبة الصراع.


[1] سورة النمل: 32- 35.

اسم الکتاب : نظرية الحكم في الإسلام المؤلف : الأراكي، الشيخ محسن    الجزء : 1  صفحة : 459
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست