إنّ
احتمال إعمال النظر و الحدس في هذه العبارة إن كان بمقياس أنّ تسوية الطائفة
المدّعاة لا واقعية لها، و إلّا لظهرت و تجلّت و لا أقلّ في كلمات واحد من علماء
الطائفة السابقين على الشيخ، أو المعاصرين له، أو كلمات الشيخ نفسه في سائر كتبه
فيندفع هذا الاحتمال: بأنّه ما يدرينا بأنّها لم تسطّر في كلماتهم و مدوّناتهم،
فلعلّها وردت و ذكرت في بعض صحفهم التي صفقتها عجاج الدهور على وجه مياه البحور،
فكم من تأليفات و تصنيفات ذهبت بها الرياح المفنية، و لعبت بها أيدي الجهلة
العادية، و قد كان هناك مصنّفون و كتبة في الرجال و الطبقات الممدوحين و
المذمومين، أوّلهم كاتب أمير المؤمنين عليه السلام عبيد اللّه ابن أبي رافع، و
آخرهم بعض من كان في عصر الشيخ و النجاشيّ يبلغ عددهم نيّفا و تسعين، استقصيتهم في
رسالة مفردة عن فهرسيهما و غيرهما.[1]
أفلا
يحتمل عقلائيا أنّه كان بعضها حاو للتسوية المذكورة و للتصريح بوثاقة مشايخ هؤلاء،
و لكن ضاعت تلك المصادر المشتملة على ذلك في جملة ما ضاع، و اختصّ الشيخ بالالتفات
الى تسجيل ذلك منها وفات الآخرين.
[1] . ادّعى سيّدنا الاستاذ- قدّس سرّه- في مدخل معجم
الرجال- ص 56 من الطبعة الاولى في النجف أنّ عدد الكتب الرجالية من زمان الحسن بن
محبوب الى عصر الشيخ( رحمه الله) بلغ زهاء خمسمائة، و استظهر ذلك من فهرسي النجاشي
و الشيخ. ثمّ قال: و جمع ذلك البحاثة الشهير المعاصر الشيخ آقا بزرگ في كتابه مصفى
المقال انتهى.
قلت: هذان فهرسا الشيخين الطوسي و
النجاشى فليس من وقع فيهما من أصحاب التصنيف و التأليف في الرجال و التراجم أزيد
ممّا ذكرته و هو: النيّف و التسعون و كتبهم تبلغ مائة و ثلاثين تقريبا. نعم، مجموع
مادوّنه شيخ مشايخي في إجازة الحديث و الرواية- العلامة الكبير الحاج محسن الرازي(
رحمه الله)- في مصفاه من الباحثين في الدراية و الرواية و الإجازات و الرجال و
التراجم و نحوها ينهض ستمائة و ستّين شخصا من زمان عبيد اللّه ابن أبى رافع الى
زمان تأليفه المصفى، أعني عام( 1378 ه). و من المعلوم أنّ هذه الكمّية من الكتاب
ليس موضوعها: الرجال باللغة المصطلحة، و إنّما هو أعمّ، فراجع.