و أمّا النكاح، فلأنّا نقضي
بأنّ خديجة- عليها السلام- زوجة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كما نقضي
بأنّها أمّ فاطمة- عليها السلام-، و لو قيل: انّ الزوجية تثبت بالتواتر، كان لنا
أن نقول:
التواتر
لا يتمّ إلّا إذا استند السماع إلى المحسوس، و من المعلوم إنّ المخبرين لم يخبروا
عن مشاهدة العقد و لا عن إقرار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، بل نقل
الطبقات متصل إلى الاستفاضة التي هي الطبقة الأولى، و لعل هذا أشبه بالصواب.
في
آخر كلامه انّ الثبوت بالاستفاضة أشبه بالصواب.
و
ذكر في الجواهر: إنّ غرض المصنف من هذا الكلام غير ظاهر، فان كان المراد الاستفاضة
الموجبة للعلم و انّ القاضي في مقام القضاء يحكم بالنكاح و الوقف، فهذا لا يختص
بالنكاح و الوقف، و إن كان المراد الاستفاضة غير الموجبة للعلم، و انّ الحكم بهذه
الاستفاضة يختص بهما فهذا أيضا مشكل، لأنّ ثبوت النسب بها أولى منهما.
أقول:
قد تقدم الحكم بالاستفاضة أو بالبينة القائمة بها قضاء أو بنحو الإفتاء، فلا نعيد.
و
نقل- قدّس سرّه- عن المسالك انّ الاستفاضة في تزويج خديجة- سلام اللّه عليها- كانت
بحدّ التواتر في الطبقة الأولى السامعين للعقد، فإنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله
و سلّم في ذلك الوقت كان من أعلى قريش، و عمّه أبو طالب المتولي لتزويجه كان رئيس
بني هاشم و شيخهم و من إليه مرجع قريش، و خديجة- سلام اللّه عليها- كانت من أجلاء
بيوتات قريش، و كانت خطبة أبي طالب في المسجد الحرام بجمع من قريش ممن يزيد عددهم
على عدد التواتر، و على ذلك فدعوى عدم استناد الطبقة الأولى إلى سماع العقد و
مشاهدته إلا بحدّ الاستفاضة المفيدة للظن الغالب ضعيفة.