و أمّا الثاني و هو إثبات
دعوى المدّعى، فإن حضر الشاهدان الدعوى و إقامة الشهادة و الحكم بما شهدا به و
أشهدهما على نفسه بالحكم و شهدا بذلك عند الآخر قبلها و أنفذ الحكم، و لو لم يحضرا
الواقعة و أشهدهما بما صورته: ان فلان بن فلان الفلاني ادّعى على فلان بن فلان
الفلاني كذا و شهد له بدعواه فلان و فلان و يذكر عدالتهما أو تزكيتهما فحكمت أو
أمضيت ففي الحكم به تردّد، مع أنّ القبول أرجح خصوصا مع إحضار الكتاب المتضمن
للدعوى و شهادة الشهود، أمّا لو أخبر حاكما آخر بأنّه ثبت عنده كذا لم يحكم به
الثاني و ليس كذلك لو قال حكمت فإنّ فيه تردّدا.
و
صورة الإنهاء أن يقصّ الشاهدان ما شاهداه من الواقعة و ما سمعاه من لفظ الحاكم و
يقولا: و أشهدنا على نفسه أنّه حكم بذلك و أمضاه و لو أحالا على الكتاب بعد قراءته
فقالا أشهدنا الحاكم فلان على نفسه انّه حكم بذلك جاز.
و
لا بدّ من ضبط الشيء المشهود به بما يرفع الجهالة عنه و لو اشتبه على الثاني أوقف
الحكم حتى يوضحه المدعى و لو تغيّرت حال الأوّل بموت أو عزل لم يقدح ذلك في العمل
بحكمه، و إن تغيّرت بفسق لم يعمل بحكمه و يقرّ ما سبق إنفاذه على زمان فسقه و لا
أثر لتغير حال المكتوب إليه في الكتاب بل كلّ من قامت عنده البيّنة بأن الأوّل حكم
به و أشهدهم به عمل بها إذ اللازم لكلّ حاكم إنفاذ ما حكم به غيره من الحكام.
منها:
ما ذكر من صورة الإنهاء أن يخبر الشاهدان بما شهداه من الواقعة و ما سمعا من
الحاكم و يقولان أشهدنا الحاكم الفلاني، و لو أحالا الحاكم الثاني على الكتابة و
بعد قرائته الحاكم الثاني الكتاب لهما قالا أشهدنا الحاكم الفلاني بأنّه قد ذكر ما
في الكتاب كفى في الإنهاء.
أقول:
قد تقدم صدق الشهادة بحكم الحاكم الأوّل فيما إذا لم يشهدا المرافعة قبل الحكم، و
لا الحكم، بل إذا استمعا للمرافعة و الحكم جاز شهادتهما.